للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِيمَا يُقْسَمُ وَمَا لَا يُقْسَمُ

قَالَ (وَإِذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ قَسَمَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ حَقٌّ لَازِمٌ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا عِنْدَ طَلَبِ أَحَدِهِمْ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ (وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ أَحَدُهُمْ وَيَسْتَضِرُّ بِهِ الْآخَرُ لِقِلَّةِ نَصِيبِهِ، فَإِنْ طَلَبَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ قَسَمَ، وَإِنْ طَلَبَ صَاحِبُ الْقَلِيلِ لَمْ يَقْسِمْ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَنْتَفِعُ بِهِ فَيُعْتَبَرَ طَلَبُهُ، وَالثَّانِي مُتَعَنِّتٌ فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَذَكَرَ الْجَصَّاصُ عَلَى قَلْبِ هَذَا لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَثِيرِ يُرِيدُ الْإِضْرَارَ بِغَيْرِهِ وَالْآخَرُ يَرْضَى بِضَرَرِ نَفْسِهِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ أَيَّهمَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ يَقْسِمُ الْقَاضِي، وَالْوَجْهُ انْدَرَجَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْأَصَحُّ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ الْأَوَّلُ (وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَضِرُّ لِصِغَرِهِ

(فَصْلٌ فِيمَا يُقْسَمُ وَمَا لَا يُقْسَمُ)

لَمَّا تَنَوَّعَتْ مَسَائِلُ الْقِسْمَةِ إلَى مَا يُقْسَمُ وَمَا لَا يُقْسَمُ شَرَعَ فِي بَيَانِهِمَا فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ

(قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ رِضَا صَاحِبِ الْقَلِيلِ بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ لَا يُلْزِمُ الْقَاضِيَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا الْمُلْزَمُ طَلَبُ الْإِنْصَافِ مِنْ الْقَاضِي وَإِيصَالُهُ إلَى مَنْفَعَةِ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ عِنْدَ طَلَبِهِ الْقَلِيلَ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَزَادَ عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ أَنْ يُقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا كَانَ لَا يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَطَلَبَا جَمِيعًا الْقِسْمَةَ لَمْ يَقْسِمْهَا الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الطَّالِبُ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ انْتَهَى أَقُولُ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ تُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَضِرُّ لِصِغَرِهِ لَمْ يَقْسِمْهَا إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُهَا عِنْدَ تَرَاضِي الشَّرِيكَيْنِ وَطَلَبِهِمَا الْقِسْمَةَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ حَيْثُ قَالَ: وَيَجُوزُ بِتَرَاضِيهِمَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا وَهُمَا أَعْرَفُ بِشَأْنِهِمَا، أَمَّا الْقَاضِي يَعْتَمِدُ الظَّاهِرَ انْتَهَى ثُمَّ إنَّك لَوْ تَأَمَّلْت حَقَّ التَّأَمُّلِ وَجَدْت نَوْعًا مِنْ التَّدَافُعِ بَيْنَ أَصْلِ مَا ذَكَرُوا فِي وَجْهِ أَصَحِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>