للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ

قَالَ: (وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا يَضُرُّ بِالسُّكْنَى فَلَهُ الْفَسْخُ)؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنَافِعُ، وَأَنَّهَا تُوجَدُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَكَانَ هَذَا عَيْبًا حَادِثًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُوجِبُ الْخِيَارَ كَمَا فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ فَقَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ فَعَلَ الْمُؤَجِّرُ مَا أَزَالَ بِهِ الْعَيْبَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِزَوَالِ سَبَبِهِ.

قَالَ: (وَإِذَا خَرِبَتْ الدَّارُ أَوْ انْقَطَعَ شُرْبُ الضَّيْعَةِ أَوْ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْ الرَّحَى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ)؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ قَدْ فَاتَ، وَهِيَ الْمَنَافِعُ الْمَخْصُوصَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَشَابَهُ فَوْتُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَوْتِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ قَدْ فَاتَتْ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ عَوْدُهَا فَأَشْبَهَ الْإِبَاقَ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْآجِرَ لَوْ بَنَاهَا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ وَلَا لِلْآجِرِ، وَهَذَا تَنْصِيصٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْفَسِخْ لَكِنَّهُ يُفْسَخُ.

(وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى، وَالْبَيْتُ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ.

الْفُضَلَاءِ: فَرَّقَ بَيْنَ الظَّاهِرُ وَالِاسْتِصْحَابِ، فَالْأَوَّلُ يَصْلُحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ كَأَخْبَارِ الْآحَادِ انْتَهَى. أَقُولُ: الْمُرَادُ بِالظَّاهِرِ هَاهُنَا ظَاهِرُ الْحَالِ، وَكَوْنُ مِثْلِ هَذَا الظَّاهِرِ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ مَمْنُوعٌ. وَأَمَّا أَخْبَارُ الْآحَادِ فَبِمَعْزِلٍ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهَا مِنْ الْأَدِلَّةِ اللَّفْظِيَّةِ الظَّنِّيَّةِ تُوجِبُ الْعَمَلَ دُونَ الْعَمَلِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

(بَابُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>