وَالْأَشَلُّ وَالْمَسْلُولُ إذَا تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُخَفْ مِنْهُ الْمَوْتُ فَهِبَتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ إذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ صَارَ طَبْعًا مِنْ طِبَاعِهِ وَلِهَذَا لَا يَشْتَغِلُ بِالتَّدَاوِي، وَلَوْ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَرَضٍ حَادِثٍ (وَإِنْ وَهَبَ عِنْدَ مَا أَصَابَهُ ذَلِكَ وَمَاتَ مِنْ أَيَّامِهِ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ إذَا صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ) لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ وَلِهَذَا يَتَدَاوَى فَيَكُونُ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ الْعِتْقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ)
الْإِعْتَاقُ فِي الْمَرَضِ مِنْ أَنْوَاعِ الْوَصِيَّةِ قَالَ: وَمَنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا أَوْ بَاعَ وَحَابَى أَوْ وَهَبَ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ، وَيُضْرَبُ بِهِ مَعَ أَصْحَابِ الْوَصَايَا
قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الِابْنُ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا فَأُعْتِقَ فَمَا مَعْنَى جَعْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَامِلَةً لِصُورَتَيْ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ دُونَ صُورَةِ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ صُورَةَ الْإِقْرَارِ لَمْ تُذْكَرْ هُنَا أَصْلًا لَا صَرَاحَةً بِعَيْنِهَا وَلَا انْدِرَاجًا فِي إطْلَاقِ إشَارَةِ شَيْءٍ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ مَعَ مَا قَبْلَهَا مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَفْظُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هُنَا عَلَى مَا نَقَلَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ هَكَذَا: وَقَالَ فِي الْمَرِيضِ أَقَرَّ لِابْنِهِ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ بِدَيْنٍ أَوْ وَهَبَ لَهُ هِبَةً فَقَبَضَهَا أَوْ أَوْصَى لَهُ وَصِيَّةً ثُمَّ أَسْلَمَ الِابْنُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ قَالَ ذَلِكَ كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الِابْنُ عَبْدًا فَأُعْتِقَ فِي هَذَا اهـ. وَلَا يَذْهَبُ عَلَيْك أَنَّ صُورَةَ الْإِقْرَارِ وَصُورَتَيْ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ سِيَّانِ فِي الِانْدِرَاجِ تَحْتَ إطْلَاقِ إشَارَةِ قَوْلِهِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الِابْنُ عَبْدًا فَأُعْتِقَ فِي هَذَا. فَالْحَقُّ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الِابْنُ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا فَأُعْتِقَ لِمَا ذَكَرْنَا هُوَ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ وَالْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ كُلُّهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا لِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ إلَى قَوْلِهِ قَالَ وَالْمُقَعَّدُ بَيَانُ أَنَّ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ رِوَايَةً لِلصِّحَّةِ أَيْضًا، وَكَذَا فِي صُورَةِ الْهِبَةِ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْوَصِيَّةِ فَلَا رِوَايَةَ لِلصِّحَّةِ أَصْلًا تَبَصَّرْ تَرْشُدْ.
(بَابُ الْعِتْقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) قَالَ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ: الْإِعْتَاقُ فِي الْمَرَضِ مِنْ أَنْوَاعِ الْوَصِيَّةِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ لَهُ أَحْكَامٌ مَخْصُوصَةٌ أَفْرَدَهُ بِبَابٍ عَلَى حِدَةٍ، وَأَخَّرَهُ عَنْ صَرِيحِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الصَّرِيحَ هُوَ الْأَصْلُ اهـ. أَقُولُ: فِيهِ فُتُورٌ، لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فِي الْمَرَضِ لَيْسَ مِنْ أَنْوَاعِ الْوَصِيَّةِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مُغَايِرٌ لِلْوَصِيَّةِ حَقِيقَةً، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا مُنَجَّزٌ غَيْرُ مُضَافٍ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ ﵀ فَكَيْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute