للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَفَحَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ نَصَبَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِشَغْلِ الطَّرِيقِ فَأُضِيفَ إلَيْهِ كَأَنَّهُ نَخَسَهَا بِفِعْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بَابُ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ)

قَالَ (وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةَ خَطَإٍ

إذَا كَانَ عَبْدًا: يَعْنِي وَنَخَسَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ يُدْفَعُ بِهَا أَوْ يَفْدِي اهـ.

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ بَحْثٌ. فَإِنَّهُ إذَا كَانَ التَّلَفُ بِالْوَطْءِ فِي فَوْرِ النَّخْسَةِ فَعَلَى عَاقِلَةِ الرَّاكِبِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي عُنُقِ الْعَبْدِ نِصْفُ الدِّيَةِ يَدْفَعُ مَوْلَاهُ أَوْ يَفْدِيهِ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ إذَا كَانَ النَّخْسُ بِإِذْنِ الرَّاكِبِ اهـ.

أَقُولُ: بَحْثُهُ سَاقِطٌ، فَإِنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ أَنَّ جَوَابَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا نَخَسَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُ الضَّمَانِ فِي رَقَبَتِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ إلَّا إذَا كَانَ نَخَسَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ، لَا أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ حَتَّى يُتَّجَهَ عَلَيْهِ أَنَّ فِي صُورَةِ التَّلَفِ بِالْوَطْءِ فِي فَوْرِ النَّخْسِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّاكِبِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا إذَا كَانَ النَّخْسُ بِإِذْنِ الرَّاكِبِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَيُرْشِدُ إلَى كَوْنِ مُرَادِ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ صَاحِبَ النِّهَايَةِ وَغَيْرَهُ قَالُوا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالنَّاخِسُ إذَا كَانَ عَبْدًا فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ، هَذَا إذَا نَخَسَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ، وَأَمَّا إذَا نَخَسَهُ بِإِذْنِ الرَّاكِبِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ مِنْ الدَّابَّةِ نَفْحَةٌ أَوْ وَطْءٌ فَقَدْ ذُكِرَ حُكْمُهَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَقَالَ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ يَسِيرُ فِي الطَّرِيقِ فَأَمَرَ عَبْدَ الْغَيْرِ فَنَخَسَ دَابَّتَهُ فَنَفَحَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ كَفِعْلِ الْآمِرِ عَبْدًا كَانَ الْمَأْمُورُ أَوْ حُرًّا، وَإِنْ وَطِئَتْ فِي فَوْرِهَا ذَلِكَ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الرَّاكِبِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي عُنُقِ الْعَبْدِ نِصْفُ الدِّيَةِ يَدْفَعُهُ مَوْلَاهُ أَوْ يَفْدِيهِ بِمَنْزِلَةِ السَّائِقِ مَعَ الرَّاكِبِ، إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لِلْعَبْدِ بِاسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ فِي نَخْسِ الدَّابَّةِ، فَإِذَا لَحِقَهُ ضَمَانٌ بِذَلِكَ السَّبَبِ كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَعْمِلِ لَهُ. اهـ تَأَمَّلَ.

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ جِنَايَةِ الْمَالِكِ وَهُوَ الْحُرُّ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَهُوَ الْعَبْدُ، وَأَخَّرَهُ لِانْحِطَاطِ رُتْبَةِ الْعَبْدِ عَنْ رُتْبَةِ الْحُرِّ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ. أَقُولُ: فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَا وَقَعَ الْفَرَاغُ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ جِنَايَةِ الْحُرِّ مُطْلَقًا بَلْ بَقِيَ مِنْهُ بَيَانُ حُكْمِ جِنَايَةِ الْحُرِّ عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَكَذَا مَا وَقَعَ الْفَرَاغُ مِنْ بَيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>