لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِلْمَيِّتِ فَخَلَتْ يَدُ الْحَيِّ عَنْ الْمُعَارِضِ (وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَا: الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ) لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا مُعْتَبَرَةً فِي الْخُصُومَاتِ.
(فَصْلٌ فِيمَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا)
(وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدِي أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي)
بَعْدَ الْمَمَاتِ حُرًّا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْ مَمْلُوكًا، هَكَذَا وَقَعَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَلِلْحُرِّ بَعْدَ الْمَمَاتِ، ثُمَّ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: لِلْحَيِّ مِنْهُمَا وَهُوَ سَهْوٌ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ مُخْتَارَ الْعَامَّةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِلْمَيِّتِ فَخَلَتْ يَدُ الْحَيِّ عَنْ الْمُعَارِضِ) فَكَانَ الْمَتَاعُ لَهُ (وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَحْجُورِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا مُعْتَبَرَةً فِي الْخُصُومَاتِ) وَلِهَذَا لَوْ اخْتَصَمَ الْحُرُّ وَالْمُكَاتَبُ فِي شَيْءٍ هُوَ فِي أَيْدِيهِمَا قَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْيَدِ، وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ اسْتَوَيَا فِيهِ، فَكَمَا لَا يَتَرَجَّحُ الْحُرُّ بِالْحُرِّيَّةِ فِي سَائِرِ الْخُصُومَاتِ فَكَذَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْيَدَ عَلَى مَتَاعِ الْبَيْتِ بِاعْتِبَارِ السُّكْنَى فِيهِ، وَالْحُرُّ فِي السُّكْنَى أَصْلٌ دُونَ الْمَمْلُوكِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
. (فَصْلٌ فِيمَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا).
لَمَّا ذَكَرَ أَحْكَامَ مَنْ يَكُونُ خَصْمًا شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِمُنَاسِبَةِ الْمُضَادَّةِ بَيْنَهُمَا، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ ذِكْرِهِ الْعُمْدَةَ فِي الْمَقَامِ لِأَنَّ الْكِتَابَ كِتَابُ الدَّعْوَى وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْخُصُومَةِ، وَأَمَّا ذِكْرُ الثَّانِي فَلْيَتَّضِحْ بِهِ الْأَوَّلُ، إذْ الْأَشْيَاءُ تَتَبَيَّنُ بِأَضْدَادِهَا فَإِنْ قِيلَ: الْفَصْلُ مُشْتَمِلٌ عَلَى ذِكْرِ مَنْ يَكُونُ خَصْمًا أَيْضًا. قُلْنَا: نَعَمْ، لَكِنْ مِنْ حَيْثُ الْفَرْقُ لَا مِنْ حَيْثُ الْقَصْدُ الْأَصْلِيُّ (وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدِي أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ: يَعْنِي إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ: هَذَا الشَّيْءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute