(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)
(وَإِذَا بَاعَ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ) فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ
بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ دَعْوَى الْأَمْوَالِ شَرَعَ فِي بَيَانِ دَعْوَى النَّسَبِ، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وُقُوعًا فَكَانَ أَهَمَّ ذِكْرًا (قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِذَا بَاعَ جَارِيَةً بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ) اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ قَصَدَ بَيَانَ ضَابِطَةِ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي ابْتِدَاءِ الْكَلَامِ فَقَالَ أَخْذًا مِنْ غَايَةِ الْبَيَانِ: اعْلَمْ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى وَلَدَ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ أَوْ الْمُشْتَرِي، فَإِمَّا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ لِمَا بَيْنَ الْمُدَّتَيْنِ. وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ وَحْدَهُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ أَوْ ادَّعَيَاهُ مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ انْتَهَى.
أَقُولُ: يُرَى فِيهِ اخْتِلَالٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَسَّمَ ادِّعَاءَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَلَدَ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَهِيَ: إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ، أَوْ لِمَا بَيْنَ الْمُدَّتَيْنِ. وَقَسَّمَ كُلُّ وَجْهٍ مِنْهَا إلَى أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ وَهِيَ: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ وَحْدَهُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ أَوْ ادَّعَيَا مَعًا، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ قُسِّمَ قَسِيمَةً حَيْثُ جُعِلَ ادِّعَاءُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُقَسَّمًا ثُمَّ جَعَلَهُ قِسْمًا وَاحِدًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ.
وَالثَّانِي أَنَّ كَلِمَةَ أَوْ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِهِ إنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى وَلَدَ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ أَوْ الْمُشْتَرِي تَأَبَّى دُخُولَ ادِّعَائِهِمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ فِي الْمُقَسَّمِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ هَذَانِ الْوَجْهَانِ دَاخِلَيْنِ فِي أَقْسَامِ أَقْسَامِهِ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُقَسَّمَ ادِّعَاءُ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا: أَيْ أَعَمُّ مِنْ ادِّعَاءِ أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا وَمِنْ ادِّعَائِهِ مُنْضَمًّا إلَى الْآخَرِ بِالْمَعِيَّةِ أَوْ التَّعَاقُبِ، وَقَسْمُ الْقِسْمِ هُوَ ادِّعَاءُ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أَوْ ادِّعَاؤُهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ، فَيَكُونُ قَسْمُ الْقِسْمِ أَخَصَّ مِنْ الْمُقَسَّمِ لَا عَيْنَهُ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنْ تُحْمَلَ كَلِمَةُ أَوْ الْمَذْكُورَةِ عَلَى مَنْعِ الْخُلُوِّ دُونَ مَنْعِ الْجَمْعِ.
وَالْأَوْلَى عِنْدِي فِي بَيَانِ الضَّابِطَةِ هَاهُنَا أَنْ يُقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ الْجَارِيَةَ إذَا بِيعَتْ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَأَمَّا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ لِمَا بَيْنَ الْمُدَّتَيْنِ، وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute