للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَاجِبَاتُ لَا تَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الْحَرْبِيِّ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَا الْتِزَامَ وَلَا وُجُوبَ، إذْ هُوَ مَنْدُوبٌ إلَى الْعَفْوِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ فَأَشْبَهَ الِاصْطِيَادَ.

بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ

قَالَ: (وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْبَيِّنَةَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ،

قَالَ: اقْطَعْ يَدِي فَفَعَلَ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ فَمَاتَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَعَامَّةِ الشُّرُوحِ فَلَمْ يَتِمَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَقْدًا كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْبَزَّاغِ وَالْحَجَّامِ مِنْهَا دُونَ الْمَأْمُورِ بِالْقَطْعِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ مِنْ تِلْكَ الْمَسَائِلِ أَيْضًا، وَلَا يُجْدِي التَّشَبُّثُ بِالتَّغْلِيبِ نَفْعًا هُنَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَهُ وَالْوَاجِبَاتُ لَا تَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ لَا يَتَمَشَّى فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، إذْ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِالْقَطْعِ الْقَطْعُ بَلْ هُوَ تَبَرُّعٌ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ قَاصِرًا عَنْ إفَادَةِ الْفَرْقِ فِي حَقِّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا تَرَى.

نَعَمْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ فِي حَقِّهَا أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ لَمَّا فَعَلَ الْمَأْمُورَ بِالْقَطْعِ بِإِذْنِ الْآمِرِ انْتَقَلَ حُكْمُ الْفِعْلِ إلَى الْآمِرِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ نَفْسِهِ وَفِي ذَلِكَ لَا ضَمَانَ، لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي قُصُورِ عِبَارَةِ الْكِتَابِ عَنْ إفَادَةِ تَمَامِ الْمَرَامِ وَهَذَا مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ.

(بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ)

لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي الْقَتْلِ أَمْرًا مُتَعَلِّقًا بِالْقَتْلِ أَوْرَدَهَا بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْقَتْلِ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّيْءِ كَانَ أَدْنَى دَرَجَةً مِنْ نَفْسِ ذَلِكَ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ ابْنَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَتْلِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْبَيِّنَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>