فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارِ غَيْرَ مَقْسُومٍ فَقَاسَمَهُ الْبَائِعُ أَخَذَ الشَّفِيعُ النِّصْفَ الَّذِي صَارَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ يَدَعُ) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْمِيلِ الِانْتِفَاعِ وَلِهَذَا يَتِمُّ الْقَبْضُ بِالْقِسْمَةِ فِي الْهِبَةِ، وَالشَّفِيعُ لَا يَنْقُضُ الْقَبْضَ وَإِنْ كَانَ لَهُ نَفْعٌ فِيهِ بِعَوْدِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْبَائِعِ، فَكَذَا لَا يُنْقَضُ مَا هُوَ مِنْ تَمَامِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرِكَةِ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِيَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُ، لِأَنَّ الْعَقْدَ مَا وَقَعَ مَعَ الَّذِي قَاسَمَ فَلَمْ تَكُنْ الْقِسْمَةُ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْعَقْدِ بَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِحُكْمِ الْمِلْكِ فَيَنْقُضَهُ الشَّفِيعُ كَمَا يَنْقُضُ بَيْعَهُ وَهِبَتَهُ، ثُمَّ إطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ النِّصْفَ الَّذِي صَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي أَيِّ جَانِبٍ كَانَ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّهِ بِالْقِسْمَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ إذَا وَقَعَ فِي جَانِبِ الدَّارِ الَّتِي يُشْفَعُ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى جَارًا فِيمَا يَقَعُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ دَارًا وَلَهُ عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ هُوَ الْبَائِعُ فَلِمَوْلَاهُ الشُّفْعَةُ) لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ تَمَلُّكٌ بِالثَّمَنِ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الشِّرَاءِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ مُفِيدٌ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِلْغُرَمَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ لِمَوْلَاهُ، وَلَا شُفْعَةَ لِمَنْ يَبِيعُ لَهُ
قَالَ (وَتَسْلِيمُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ الشُّفْعَةَ عَلَى الصَّغِيرِ جَائِزٌ
إمَّا أَنْ يُرَادَ بِالْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِي قَوْلِهِ (وَهُوَ مَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالثَّانِي مُخْتَلَفٌ فِيهِ) إجْمَاعُ الْمُجْتَهِدِينَ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي نَفْسِ الْمَسْأَلَةِ أَوْ إجْمَاعُ الْمَشَايِخِ وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الرِّوَايَةِ.
وَأَيًّا مَّا كَانَ لَا يَخْلُو التَّقْرِيرُ الْمَذْكُورُ عَنْ اضْطِرَابٍ أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْقَطْعَ بِكَوْنِ الثَّانِي مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَكُونُ تَامًّا حِينَئِذٍ، لِأَنَّ اخْتِلَافَ الِاجْتِهَادِ فِي الثَّانِي إنَّمَا كَانَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ مِنْ الرُّوَاةِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الْحِيلَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي فَصْلِ الزَّكَاةِ كَمَا ذَكَرَهُ وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ إلَخْ، فَلِأَنَّ الْقَطْعَ بِكَوْنِ الْأَوَّلِ مَكْرُوهًا لَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ لِأَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيَّ رَوَى عَدَمَ كَرَاهَةِ الِاحْتِيَالِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ بِالْعُرُوضِ مِنْ الْمَبْسُوطِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ وُجُوهَ الْحِيَلِ وَالِاسْتِعْمَالِ بِهَذِهِ الْحِيَلِ لِإِبْطَالِ حَقِّ الشُّفْعَةِ: لَا بَأْسَ بِهِ، أَمَّا قَبْلَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute