مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ، فَلَوْ صَحَّ رَدُّهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ فَرَدٌّ رَدَّهُ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِبَيْعِ مَالِهِ حَيْثُ يَصِحُّ رَدُّهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ هُنَاكَ لِأَنَّهُ حَيٌّ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ (فَإِنْ رَدَّهَا فِي وَجْهِهِ فَهُوَ رَدٌّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُوصِي وِلَايَةُ إلْزَامِهِ التَّصَرُّفَ، وَلَا غُرُورَ فِيهِ
وُقُوعِهَا فَكَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى مَعْرِفَتِهَا أَمَسَّ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِبَيْعِ مَالِهِ حَيْثُ يَصِحُّ رَدُّهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ رِوَايَاتِ الْكُتُبِ مِنْ الذَّخِيرَةِ وَالتَّتِمَّةِ وَأَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ. حَتَّى لَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ، وَمَوْضِعُهُ فِي الذَّخِيرَةِ الْفَصْلُ الثَّانِي مِنْ وَكَالَتِهَا، وَالْفَصْلُ الْعَاشِرُ مِنْ التَّتِمَّةِ، وَالْبَابُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ مِنْ آدَابِ الْقَاضِي، وَبَابِ بَيْعِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وَصَايَا الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَفَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، إلَى هُنَا لَفْظُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ: وَهَذَا الْقَيْدُ وَهُوَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ احْتِرَازٌ عَنْ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ ثَمَّةَ أَيْضًا بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ كَمَا فِي الْوَصِيِّ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَغْرِيرِ الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ حَيْثُ يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى تَغْرِيرِ الْآمِرِ، وَهَذَا فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بَيَّنَهُ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرِ الْمُوَكِّلِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ فِي فَصْلِ الشِّرَاءِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ عَلَى مَا قِيلَ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ: أَيْ لَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ عَزْلَ نَفْسِهِ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، فَعَنْ هَذَا عَرَفْت أَنَّ مَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي شَرْحِهِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ رِوَايَاتِ الْكُتُبِ كَالتَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا ذُكِرَ فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ قَوْلِهِمْ الْوَكِيلُ لَا يَمْلِكُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، وَمُرَادُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ هُنَا مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَتَوَافَقَتْ الرِّوَايَاتُ جَمِيعًا وَلَمْ تَخْتَلِفْ، إلَى هُنَا كَلَامُ صَاحِبِ الْغَايَةِ، وَإِلَى هَذَا مَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَيْضًا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَقْرِيرِهِ فِي شَرْحِهِ.
أَقُولُ: بَلْ لَيْسَ هَذَا التَّوْفِيقُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُمْ عَقَدُوا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لِعَزْلِ الْوَكِيلِ فَصْلًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ بَابًا عَلَى حِدَةٍ وَبَيَّنُوا فِيهِ عَدَمَ صِحَّةِ عَزْلِ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ بِغَيْرِ عِلْمِ الْوَكِيلِ، وَكَذَا عَدَمُ صِحَّةِ عَزْلِ الْوَكِيلِ نَفْسَهُ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَيْءٍ، فَهَلْ يُجَوِّزُ الْعَقْلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَيَكُونُ عَقْدُ الْفَصْلِ أَوْ الْبَابِ لِبَيَانِ حُكْمِ الْعَزْلِ فِي مَسْأَلَةٍ بِعَيْنِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْوَكَالَاتِ بِعِبَارَةٍ مُطْلَقَةٍ، وَيَكُونُ حُكْمُ الْعَزْلِ فِي سَائِرِهَا مَتْرُوكُ الذِّكْرِ بِالْكُلِّيَّةِ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِ الْكُتُبِ، وَلِعَمْرِي إنْ حَمْلَ كَلَامُ الثِّقَاتِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ سَفْسَطَةٌ لَا تَخْفَى. وَلْنَذْكُرْ مِنْ بَيْنِهَا عِبَارَةَ الذَّخِيرَةِ لَعَلَّك تَأْخُذُ مِنْهَا حِصَّةً قَالَ فِيهَا: الْفَصْلُ الثَّانِي فِي رَدِّ الْوَكَالَةِ مِنْ الْوَكِيلِ وَفِي عَزْلِ الْوَكِيلِ، وَقَالَ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا رَدَّ الْوَكَالَةَ تَرْتَدُّ، وَلَكِنْ هَذَا إذَا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِالرَّدِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا تَرْتَدُّ حَتَّى إنَّ مَنْ وَكَّلَ غَائِبًا فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَرَدَّ الْوَكَالَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِهِ ثُمَّ قَبِلَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ صَحَّ قَبُولُهُ وَصَارَ وَكِيلًا. ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ عَزْلُ الْوَكِيلِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْوَكِيلِ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ عِنْدَنَا الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ. ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ لَا يَصِحُّ عَزْلُهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ انْتَهَى. اُنْظُرْ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ هَلْ فِيهِ مَا يُسَاعِدُ التَّقْيِيدَ بِمَا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، عَنْ هَذَا قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي هَاهُنَا يَدُلُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ إلَخْ؛ أَلَا يُرَى أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِعِلْمِ الْمُوَكِّلِ دَفْعًا لِلْغَرَرِ وَالضَّرَرِ الْمَنْهِيَّيْنِ، فَإِنْ يَجِبَ نَفْيُ الْغَرَرِ وَالضَّرَرِ عَنْ الْمَيِّتِ وَهُوَ أَحَقُّ بِالنَّظَرِ أَوْلَى انْتَهَى.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ هُنَاكَ لِأَنَّهُ حَيٌّ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute