قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ فَالْفَضْلُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ)؛ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ وَذَاكَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ (وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِالْفَضْلِ)؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ بِقَدْرِ الْمَالِيَّةِ
وَقَالَ زُفَرُ: الرَّهْنُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ أَلْفٌ وَخَمْسمِائَةٍ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِخَمْسِمِائَةٍ
لَهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ " يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ فِي الرَّهْنِ " وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الدَّيْنِ مَرْهُونَةٌ لِكَوْنِهَا مَحْبُوسَةً بِهِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً اعْتِبَارًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ
وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵃، وَلِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا تُوجِبُ الضَّمَانَ إلَّا بِالْقَدْرِ الْمُسْتَوْفِي كَمَا فِي حَقِيقَةِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالزِّيَادَةُ مَرْهُونَةٌ بِهِ ضَرُورَةَ امْتِنَاعِ حَبْسِ الْأَصْلِ بِدُونِهَا وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الضَّمَانِ
وَالْمُرَادُ بِالتَّرَادِّ فِيمَا يُرْوَى حَالَةَ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْمُرْتَهِنُ أَمِينٌ فِي الْفَضْلِ.
قَالَ (وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِدَيْنِهِ وَيَحْبِسَهُ بِهِ)؛ لِأَنَّ حَقَّهُ بَاقٍ بَعْدَ الرَّهْنِ وَالرَّهْنُ
نُسَخِ الْقُدُورِيِّ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْمُعَرَّفِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَمَعْنَى الْمُنَكَّرِ ثَالِثٌ، وَاعْتُبِرَ هَذَا بِقَوْلِ الرَّجُلِ مَرَرْت بِأَعْلَمَ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو يَكُونُ الْأَعْلَمُ غَيْرَهُمَا، وَلَوْ قَالَ مَرَرْت بِالْأَعْلَمِ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو يَكُونُ الْأَعْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَالْمُرَادُ هَا هُنَا وَاحِدٌ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدَّيْنِ وَهُوَ أَقَلُّهُمَا لَا أَمْرٌ ثَالِثٌ
ثُمَّ إنَّ تَاجَ الشَّرِيعَةِ مِنْ الشُّرَّاحِ بَيَّنَ وَجْهَ اخْتِلَافِ الْمَعْنَى بَيْنَ الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ كَلِمَةَ " مِنْ " فِي قَوْلِهِ مِنْهُمَا لِلتَّبْعِيضِ وَالْأَقَلُّ يَصْلُحُ بَعْضًا؛ إذْ الْأَقَلُّ مَعَ مِنْهُمَا مَعْرِفَتَانِ، بِخِلَافِ: أَقَلُّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ أَقَلَّ نَكِرَةٌ وَهُمَا مَعْرِفَةٌ وَالْمَعْرِفَةُ لَا تَتَنَاوَلُ النَّكِرَةَ انْتَهَى كَلَامُهُ
أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِسَدِيدٍ، إذْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تَتَنَاوَلُ النَّكِرَةَ تَنَاوُلَ الْكُلِّ لِلْجُزْءِ كَمَا هُوَ مُقْتَضًى مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ، نَعَمْ إنَّ الْمَعْرِفَةَ وَالنَّكِرَةَ لَا يَتَّحِدَانِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْمَعْرِفَةِ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ وَمَدْلُولَ النَّكِرَةِ شَيْءٌ لَا بِعَيْنِهِ، وَهُمَا مُتَضَادَّانِ فَلَا يَتَّحِدَانِ
وَأَمَّا كَوْنُ الْمُبْهَمِ بَعْضًا مِنْ الْمُعَيَّنِ فَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ، بَلْ هُوَ أَمْرٌ شَائِعٌ مُسْتَعْمَلٌ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِنَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ جُزْءٌ مِنْهُمَا أَوْ بَعْضٌ مِنْهُمَا يَكُونُ كَذَا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ بِلَا رَيْبٍ وَشَائِعٌ مُسْتَعْمَلٌ، مَعَ أَنَّ كَلِمَةَ وَاحِدٍ وَجُزْءٍ وَبَعْضٍ نَكِرَةٌ، وَكَلِمَةُ هُمَا فِي مِنْهُمَا مَعْرِفَةٌ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ، عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اسْمُ التَّفْضِيلِ مُعَرَّفًا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُنَكَّرًا إنَّمَا يَتَمَشَّى فِيمَا إذَا كَانَ مَدْخُولُ كَلِمَةِ " مِنْ " مَعْرِفَةً وَلَا يَتَمَشَّى فِيمَا إذَا كَانَ مَدْخُولُهَا نَكِرَةً، إذْ لَا يَلْزَمُ إذْ ذَاكَ تَنَاوُلُ الْمَعْرِفَةِ لِلنَّكِرَةِ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةٍ وَدَيْنٍ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ فَرْقٌ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ