للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ مُلَازِمٌ لِلْوِكَالَةِ لِكَوْنِهِ أَمِينًا، وَلَوْ صَحَّحْنَاهَا لَا يُقْبَلُ لِكَوْنِهِ مُبَرِّئًا نَفْسَهُ فَيَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِ لَازِمِهِ، وَهُوَ نَظِيرُ عَبْدٍ مَدْيُونٍ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ حَتَّى ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ وَيُطَالَبُ الْعَبْدُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، فَلَوْ وَكَّلَهُ الطَّالِبُ بِقَبْضِ الْمَالِ عَنْ الْعَبْدِ كَانَ بَاطِلًا لِمَا بَيَّنَّاهُ

. قَالَ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَا يَقْضِيهِ خَالِصُ مَالِهِ (فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ

الْكَفَالَةِ فِي الرُّتْبَةِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَتَمَكَّنُ الْكَفِيلُ مِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ الْوِكَالَةُ نَاسِخَةً لِلْكَفَالَةِ وَإِنْ جَازَ عَكْسُهُ (وَلِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ) أَيْ قَبُولَ قَوْلِ الْوَكِيلِ (مُلَازِمٌ لِلْوِكَالَةِ) هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ. تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْوِكَالَةَ تَسْتَلْزِمُ قَبُولَ قَوْلِ الْوَكِيلِ (لِكَوْنِهِ أَمِينًا، وَلَوْ صَحَّحْنَاهَا) أَيْ لَوْ صَحَّحْنَا الْوِكَالَةَ هَاهُنَا (لَا يُقْبَلُ) أَيْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ (لِكَوْنِهِ مُبَرِّئًا نَفْسَهُ) عَمَّا لَزِمَهُ بِحُكْمِ كَفَالَتِهِ فَانْتَفَى اللَّازِمُ وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِهِ (فَيَنْعَدِمُ) أَيْ التَّوْكِيلُ الَّذِي هُوَ الْمَلْزُومُ (بِانْعِدَامِ لَازِمِهِ) الَّذِي هُوَ قَبُولُ قَوْلِهِ لِأَنَّ انْتِفَاءَ اللَّازِمِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَلْزُومِ فَيَلْزَمُ عَدَمُهُ حَالَ فَرْضِ وُجُودِهِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَعْدُومٌ (وَهُوَ نَظِيرُ عَبْدٍ مَدْيُونٍ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ مَسْأَلَتِنَا نَظِيرُ مَسْأَلَةِ عَبْدٍ مَدْيُونٍ أَوْ بُطْلَانُ الْوِكَالَةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ نَظِيرُ بُطْلَانِهَا فِي عَبْدٍ مَدْيُونٍ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَنَظِيرُهُ عَبْدٌ مَدْيُونٌ (أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ حَتَّى ضَمِنَ قِيمَتَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْمَوْلَى قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (لِلْغُرَمَاءِ وَيُطَالَبُ الْعَبْدُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، فَلَوْ وَكَّلَهُ الطَّالِبُ) أَيْ فَلَوْ وَكَّلَ الْمَوْلَى الطَّالِبُ وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (بِقَبْضِ الْمَالِ عَنْ الْعَبْدِ كَانَ بَاطِلًا) أَيْ كَانَ التَّوْكِيلُ بَاطِلًا (لِمَا بَيَّنَّاهُ) مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ مَنْ يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ وَهَاهُنَا لَمَّا كَانَ الْمَوْلَى ضَامِنًا لِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَانَ فِي مِقْدَارِهَا عَامِلًا لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ يُبَرِّئُ بِهِ نَفْسَهُ فَكَانَ التَّوْكِيلُ بَاطِلًا

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ) أَيْ وَكِيلُ فُلَانٍ الْغَائِبِ (فِي قَبْضِ دَيْنِهِ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ) أَيْ الْمَدْيُونُ (أُمِرَ) أَيْ الْغَرِيمُ (بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى مُدَّعِي الْوِكَالَةِ (لِأَنَّهُ) أَيْ لِأَنَّ تَصْدِيقَ الْغَرِيمِ إيَّاهُ (إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَا يَقْضِيهِ خَالِصُ مَالِهِ) أَيْ لِأَنَّ مَا يَقْضِيهِ الْمَدْيُونُ خَالِصُ مَالِ الْمَدْيُونِ، إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَعْيَانِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَتَقَرَّرَ، فَمَا أَدَّاهُ الْمَدْيُونُ مِثْلَ مَالِ رَبِّ الدَّيْنِ لَا عَيْنَهُ، فَكَانَ تَصْدِيقُهُ إقْرَارًا عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِشَيْءٍ أُمِرَ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْمَقَرِّ لَهُ (فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>