فَصْلٌ
قَالَ (وَمَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ) لِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا فَقَدْ أَطَلَّ دَمَهُ» وَلِأَنَّهُ بَاغٍ فَتَسْقُطُ عِصْمَتُهُ بِبَغْيِهِ، وَلِأَنَّهُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ الْقَتْلِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَهُ قَتْلُهُ
وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِمْ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَحَقٌّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقْتُلُوهُ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ، وَالْمَعْنَى وُجُوبُ دَفْعِ الضَّرَرِ
وَفِي سَرِقَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَمَنْ شَهَرَ عَلَى رَجُلٍ سِلَاحًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا لَيْلًا فِي مِصْرٍ أَوْ نَهَارًا فِي طَرِيقٍ فِي غَيْرِ مِصْرٍ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا بَيَّنَّا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا يَلْبَثُ فَيَحْتَاجُ إلَى دَفْعِهِ بِالْقَتْلِ وَالْعَصَا الصَّغِيرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تَلْبَثُ وَلَكِنْ فِي اللَّيْلِ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فَيُضْطَرُّ إلَى دَفْعِهِ بِالْقَتْلِ، وَكَذَا فِي النَّهَارِ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ فِي الطَّرِيقِ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فَإِذَا قَتَلَهُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا
قَالُوا: فَإِنْ كَانَ عَصًا لَا تَلْبَثُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ السِّلَاحِ عِنْدَهُمَا
قَالَ (وَإِنْ شَهَرَ الْمَجْنُونُ عَلَى غَيْرِهِ سِلَاحًا فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الصَّبِيُّ وَالدَّابَّةُ
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي الدَّابَّةِ وَلَا يَجِبُ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ
لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَتَلَهُ دَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ فَيُعْتَبَرُ بِالْبَالِغِ الشَّاهِرِ، وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مَحْمُولًا عَلَى قَتْلِهِ بِفِعْلِهِ فَأَشْبَهَ الْمُكْرَهَ
وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ فِعْلَ الدَّابَّةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَصْلًا حَتَّى لَوْ تَحَقَّقَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ
التَّمَسُّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ هَا هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ وَاكْتَفَى بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ مَعَ كَوْنِ عَادَتِهِ أَنْ يَقْتَفِيَ أَثَرَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي وَضْعِ الْمَسَائِلِ وَبَسْطِ الدَّلَائِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute