(وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ خَمْسَةِ رِجَالٍ أَشْهَدَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَقَتَلَ إنْسَانًا ضَمِنَ خُمُسَ الدِّيَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ فَحَفَرَ أَحَدُهُمْ فِيهَا بِئْرًا وَالْحَفْرُ كَانَ بِغَيْرِ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرِينَ أَوْ بَنَى حَائِطًا فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَعَلَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْفَصْلَيْنِ) لَهُمَا أَنَّ التَّلَفَ بِنَصِيبِ مَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ، وَبِنَصِيبِ مَنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ هَدَرٌ، فَكَانَا قِسْمَيْنِ فَانْقَسَمَ نِصْفَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي عَقْرِ الْأَسَدِ وَنَهْشِ الْحَيَّةِ وَجَرْحِ الرَّجُلِ. وَلَهُ أَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الثِّقَلُ الْمُقَدَّرُ وَالْعُمْقُ الْمُقَدَّرُ، لِأَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ وَهُوَ الْقَلِيلُ حَتَّى يُعْتَبَرُ كُلُّ جُزْءٍ عِلَّةً فَتَجْتَمِعُ الْعِلَلُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ تُقْسَمُ عَلَى أَرْبَابِهَا بِقَدْرِ الْمِلْكِ، بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ فَإِنَّ كُلَّ جِرَاحَةٍ عِلَّةٌ لِلتَّلَفِ بِنَفْسِهَا صَغُرَتْ أَوْ كَبِرَتْ عَلَى مَا عُرِفَ، إلَّا أَنَّ عِنْدَ الْمُزَاحِمَةِ أُضِيفَ إلَى الْكُلِّ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
لَا فِي تَلَفِ النُّفُوسِ فَمَا مَعْنَى الْحُكْمِ هُنَا بِكَوْنِ الضَّمَانِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ لَهُمَا أَنَّ التَّلَفَ بِنَصِيبِ مَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ وَبِنَصِيبِ مَنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ هَدَرٌ فَكَانَا قِسْمَيْنِ فَانْقَسَمَ نِصْفَيْنِ كَمَا فِي عَقْرِ الْأَسَدِ وَنَهْشِ الْحَيَّةِ وَجَرْحِ الرَّجُلِ) أَقُولُ: كَانَ مُدَّعَاهُمَا عَامًّا لِلْفَصْلَيْنِ أَيْ فَصْلِ حَائِطٍ بَيْنِ خَمْسَةٍ وَفَصْلِ دَارٍ بَيْنِ ثَلَاثَةٍ كَمَا أَفْصَحَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَقَالَا: عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْفَصْلَيْنِ، وَالدَّلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ مَنْ قَبْلَهُمَا خَاصٌّ لِلْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَكَانَ قَاصِرًا فِي الظَّاهِرِ عَنْ إفَادَةِ تَمَامِ الْمُدَّعَى، وَعَنْ هَذَا قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي بَعْدَ ذِكْرِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَبْلِهِمَا، وَفِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ تَلِفَتْ النَّفْسُ بِالْحَفْرِ فِي مِلْكِهِ وَفِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَانْقَسَمَ نِصْفَيْنِ اهـ. وَالْجَوَابُ مِنْ جَانِبِ الْمُصَنِّفِ هُنَا هُوَ أَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ قَبْلِهِمَا وَإِنْ كَانَ يَخُصُّ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ بِعِبَارَتِهِ إلَّا أَنَّهُ يَعُمُّ الْفَصْلَ الثَّانِيَ أَيْضًا بِدَلَالَتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي فَطَانَةٍ، فَاكْتَفَى بِذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَدَارُ الْكَلَامِ هُنَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِانْفِهَامِ تَمَامِ الْمُرَادِ لَكَانَ مَا زَادَهُ صَاحِبُ الْكَافِي أَيْضًا قَاصِرًا عَنْ إفَادَةِ تَمَامِ الْمُدَّعَى هُنَا، لِأَنَّ الْفَصْلَ الثَّانِيَ لَيْسَ مَسْأَلَةَ حَفْرِ الْبِئْرِ وَحْدَهَا بَلْ هُوَ مَسْأَلَةُ حَفْرِ الْبِئْرِ وَبِنَاءِ الْحَائِطِ جَمِيعًا، وَقَدْ تَعَرَّضَ صَاحِبُ الْكَافِي فِي التَّعْلِيلِ لِحَفْرِ الْبِئْرِ دُونَ بِنَاءِ الْحَائِطِ كَمَا تَرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute