للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ فَصَارَ كَمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ. وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ، وَلَا مَنْعَ مِنْ الْمَوْلَى فِي أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَلَا تَخْيِيرَ بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ لِاخْتِيَارِهِ الْأَقَلَّ لَا مَحَالَةَ، بِخِلَافِ الْقِنِّ لِأَنَّ الرَّغَبَاتِ صَادِقَةٌ فِي الْأَعْيَانِ فَيُفِيدُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ (وَجِنَايَاتُ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ تَوَالَتْ لَا تُوجِبُ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةٍ) لِأَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْهُ إلَّا فِي رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِأَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ كَدَفْعِ الْعَبْدِ وَذَلِكَ لَا يَتَكَرَّرُ فَهَذَا كَذَلِكَ، وَيَتَضَارَبُونَ بِالْحِصَصِ فِيهَا، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي حَالِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي هَذَا الْوَقْتِ يَتَحَقَّقُ.

قَالَ (فَإِنْ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى وَقَدْ دَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ الْأُولَى بِقَضَاءٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الدَّفْعِ. قَالَ (وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى دَفَعَ الْقِيمَةَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَالْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَوْلَى وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى) لِأَنَّهُ حِينَ دَفَعَ لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ مَوْجُودَةً فَقَدْ دَفَعَ كُلَّ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَصَارَ كَمَا إذَا دَفَعَ بِالْقَضَاءِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَوْلَى جَانٍ بِدَفْعِ حَقِّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ طَوْعًا، وَوَلِيُّ الْأُولَى ضَامِنٌ بِقَبْضِ حَقِّهِ

وَأُمِّ الْوَلَدِ دُونَ الرِّقِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ عَلَى الْعَكْسِ اهـ.

أَقُولُ: فِي الْجَوَابِ عَنْهُ مِنْ طَرَفِ الشُّرَّاحِ أَنَّ كَمَالَ الْمِلْكِ فِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُكَاتَبِ حَيْثُ يَمْلِكُهُمَا الْمَوْلَى يَدًا وَرَقَبَةً، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ فَإِنَّ مَوْلَاهُ يَمْلِكُهُ رَقَبَةً لَا يَدًا كَمَا عُرِفَ فِي مَحَلِّهِ لَا يُنَافِي أَكْمَلِيَّةَ الْمِلْكِ فِي الْعَبْدِ، فَإِنَّ مَوْلَاهُ كَمَا يَمْلِكُهُ يَدًا وَرَقَبَةً يَمْلِكُهُ مِنْ جِهَاتِ عَامَّةِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ مَوْلَاهُمَا لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَأَشْبَاهِهَا لِأَنَّهُمَا لَا يَصْلُحَانِ ذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى مَا عُرِفَ أَيْضًا فِي مَحَلِّهِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَكْمَلِيَّةَ الْمِلْكِ فِي الْعَبْدِ كَافِيَةٌ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَى الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي الذِّكْرِ فِي بَابِ جِنَايَةِ الْمَمْلُوكِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَفْصَحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>