للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَنَا أَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقُومُ بِالْكَلَامِ، وَصِحَّةُ عِبَارَتِهِ لِكَوْنِهِ آدَمِيًّا وَكَذَا حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ كَانَ سَفِيرًا عَنْهُ لَمَا اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ كَالرَّسُولِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أَصِيلًا فِي الْحُقُوقِ فَتَتَعَلَّقُ بِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ (يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ وَيُطَالِبُ بِالثَّمَنِ إذَا اشْتَرَى، وَيَقْبِضُ الْمَبِيعَ وَيُخَاصِمُ فِي الْعَيْبِ وَيُخَاصِمُ فِيهِ)؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ خِلَافَةً عَنْهُ،

وَلَنَا أَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الْعَاقِدُ) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذَا الضَّرْبِ هُوَ الْعَاقِدُ (حَقِيقَةً) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ (لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقُومُ بِالْكَلَامِ وَصِحَّةُ عِبَارَتِهِ) أَيْ وَصِحَّةُ عِبَارَةِ الْعَاقِدِ: أَيْ صِحَّةُ كَلَامِهِ (لِكَوْنِهِ آدَمِيًّا لَهُ أَهْلِيَّةُ الْإِيجَابِ وَالِاسْتِيجَابِ لَا لِكَوْنِهِ وَكِيلًا)، فَكَانَ الْعَقْدُ الْوَاقِعُ مِنْهُ وَلِغَيْرِهِ سَوَاءً.

وَفِي الْكَافِي: فَقَضِيَّتُهُ تَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ الْحَاصِلُ بِالتَّصَرُّفِ وَاقِعًا لَهُ غَيْرَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمَّا اسْتَنَابَهُ فِي تَحْصِيلِ الْحُكْمِ جَعَلْنَاهُ نَائِبًا فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَرَاعَيْنَا الْأَصْلَ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ (وَكَذَا حُكْمًا) أَيْ وَكَذَا الْوَكِيلُ فِي هَذَا الضَّرْبِ هُوَ الْعَاقِدُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْوَكِيلَ (يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ لَوْ كَانَ سَفِيرًا) عَنْهُ (لَمَا اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ (كَالرَّسُولِ) وَالْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّهُمَا لَا يَسْتَغْنِيَانِ عَنْ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ (وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ فِي هَذَا الضَّرْبِ هُوَ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا (كَانَ أَصِيلًا فِي الْحُقُوقِ فَتَتَعَلَّقُ) حُقُوقُ الْعَقْدِ (بِهِ) أَيْ تَتَعَلَّقُ الْحُقُوقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ (فَلِهَذَا) أَيْ فَلِكَوْنِ الْوَكِيلِ فِي هَذَا الضَّرْبِ أَصْلًا فِي الْحُقُوقِ (قَالَ فِي الْكِتَابِ) أَيْ قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ. وَقِيلَ: أَيْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَبْسُوطِ (يُسَلِّمُ الْمَبِيعَ) أَيْ يُسَلِّمُ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ (وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ) إذَا بَاعَ (وَيُطَالَبُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ: أَيْ يُطَالَبُ الْوَكِيلُ (بِالثَّمَنِ إذَا اشْتَرَى وَيَقْبِضُ الْمَبِيعَ) أَيْ وَيَقْبِضُ الْمَبِيعَ إذَا اشْتَرَى (وَيُخَاصَمُ فِي الْعَيْبِ وَيُخَاصِمُ فِيهِ) بِفَتْحِ الصَّادِ فِي الْأَوَّلِ وَكَسْرِهَا فِي الثَّانِي، فَالْأَوَّلُ فِيمَا إذَا بَاعَ، وَالثَّانِي فِيمَا إذَا اشْتَرَى عَلَى التَّرْتِيبِ السَّابِقِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا فَائِدَةً جَلِيلَةً يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهَا قَدْ ذَكَرَهَا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ حَيْثُ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْحُقُوقَ نَوْعَانِ: حَقٌّ يَكُونُ لِلْوَكِيلِ، وَحَقٌّ يَكُونُ عَلَى الْوَكِيلِ. فَالْأَوَّلُ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَمُطَالَبَةِ ثَمَنِ الْمُشْتَرِي وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِثَمَنٍ مُسْتَحَقٍّ. فَفِي هَذَا النَّوْعِ لِلْوَكِيلِ وِلَايَةُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَكِنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَا يُجْبِرُهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى هَذِهِ الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي الْعَمَلِ بَلْ يُوَكِّلُ الْمُوَكِّلُ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ بَعْضُ هَذَا، وَإِنْ مَاتَ الْوَكِيلُ فَوِلَايَةُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ لِوَرَثَتِهِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا وَكَّلُوا مُوَكِّلَ مُورِثِهِمْ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِلْمُوَكَّلِ وِلَايَةُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ بِلَا تَوْكِيلٍ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ وَارِثِهِ. وَفِي النَّوْعِ الْآخَرِ يَكُونُ الْوَكِيلُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُجْبِرَ الْوَكِيلَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَأَخَوَاتِهِمَا إلَى هُنَا كَلَامُهُ (وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ خِلَافَةً عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْوَكِيلِ، هَذَا جَوَابٌ عَمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ إنَّ الْحُقُوقَ تَابِعَةٌ لِحُكْمِ التَّصَرُّفِ، وَالْحُكْمُ وَهُوَ الْمِلْكُ يَتَعَلَّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>