مِنْهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ وَلَا أَوْلَادُ الْمَوَالِي لِأَنَّ اللَّفْظَ لَهُمْ مَجَازٌ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ مُعْتَقٌ وَاحِدٌ وَمَوَالِي الْمَوَالِي فَالنِّصْفُ لِمُعْتَقٍ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوَالِيهِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَإِنَّمَا يُحْرِزُ مِيرَاثُهُمْ بِالْعُصُوبَةِ،
نِطَاقُ الْبَيَانِ.
(قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ وَلَا أَوْلَادُ الْمَوَالِي، لِأَنَّ اللَّفْظَ لَهُمْ مَجَازٌ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ: وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ: أَيْ مَوَالِي الْعَتَاقَةِ وَلَا أَوْلَادِ الْمَوَالِي: أَيْ وَلَا أَوْلَادُ مَوَالِي الْعَتَاقَةِ يَعْنِي حِينَئِذٍ الثُّلُثُ لِمَوَالِي الْمُوَالَاةِ. وَقَالَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَوَالِي الْمُوَالَاةِ كَانَ الثُّلُثُ لَهُمْ لِأَنَّ الْأَحَقَّ إذَا لَمْ يُوجَدْ وَجَبَ الْعَمَلُ بِمَا دُونَهُ انْتَهَى، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِشَرْحٍ صَحِيحٍ، إذْ لَوْ كَانَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ لَمَا صَحَّ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَهُمْ مَجَازٌ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ لَفْظَ الْمَوْلَى مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمُعْتَقِ وَبَيْنَ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ آنِفًا، وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: الْجِهَةُ مُخْتَلِفَةٌ، فِي الْمُعْتَقِ الْإِنْعَامُ وَفِي الْمَوْلَى عَقْدُ الِالْتِزَامِ، وَقَدْ صَرَّحَ الشُّرَّاحُ قَاطِبَةً بِاشْتِرَاكِهِ بَيْنَهُمَا وَبَيَّنُوا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ عَلَى وَفْقِ ذَاكَ، فَلَوْ كَانَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبَا النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ لَمَا صَحَّ قَوْلُهُ فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَهُمْ مَجَازًا، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ.
وَالصَّوَابُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا هُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ وَلَا أَوْلَادُ الْمَوَالِي فَالثُّلُثُ لِمَوَالِي الْمَوَالِي فَحِينَئِذٍ يَرْتَبِطُ قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ وَلَا أَوْلَادُ الْمَوَالِي بِمَا قَبْلَهُ أَشَدُّ ارْتِبَاطٍ، وَيَنْتَظِمُ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَهُمْ مَجَازٌ إلَخْ انْتِظَامًا تَامًّا كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكَافِي بِعَيْنِ مَا قُلْنَا عِنْدَ تَقْرِيرِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَيْضًا عِنْدَ شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَكَأَنَّ صَاحِبَ النِّهَايَةِ إنَّمَا اغْتَرَّ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ مَوَالِي الْمُوَالَاةِ دُونَ مَوَالِي الْمَوَالِي، لَكِنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ هُنَاكَ وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَحَقَّ إذَا لَمْ يُوجِبْ وَجَبَ الْعَمَلُ بِمَا دُونَهُ مُطَابِقٌ لِلْمَسْأَلَةِ غَيْرَ آبٍ عَنْهَا، فَإِنَّهُ لَا يُنَافِي الِاشْتِرَاكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ مَعْنَيَيْ الْمُشْتَرَكِ أَحَقُّ بِالْإِرَادَةِ مِنْ الْآخَرِ لِأَمْرٍ مُرَجَّحٍ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ حَقِيقَةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَالْإِعْتَاقُ لَازِمٌ فَكَانَ الِاسْمُ لَهُ أَحَقَّ، بِخِلَافِ تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُرَادَ بِالْمَسْأَلَةِ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ كَمَا تَوَهَّمَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فَإِنَّهُ لَا يُطَابِقُ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ بَلْ يَأْبَاهُ جِدًّا كَمَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مُعْتَقٌ وَاحِدٌ وَمَوَالِي الْمَوَالِي فَالنِّصْفُ لِمُعْتَقِهِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لِمَ لَا يُصَارُ هَاهُنَا إلَى عُمُومِ الْمَجَازِ صِيَانَةً لِكَلَامِ الْعَاقِلِ عَنْ الْإِلْقَاءِ فِي حَقِّ النِّصْفِ، وَالْمَصِيرُ إلَى عُمُومِ الْمَجَازِ مُخَلِّصٌ مَعْرُوفٌ فِي دَفْعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ. وَطَرِيقُهُ هَاهُنَا أَنْ يُحْمَلَ الْمَوَالِي عَلَى مَنْ كَانَ لِلْمُوصِي مَدْخَلٌ فِي عِتْقِهِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ كَمَا فِي مُعْتِقِ نَفْسِهِ أَوْ بِطَرِيقِ التَّسْبِيبِ كَمَا فِي مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ فَلْيَتَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute