للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّقَّ يُنَافِيهَا، وَلِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ الْوِلَايَةِ لِلْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ، وَهَذَا قَلْبُ الْمَشْرُوعِ، وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ الصَّادِرَةَ مِنْ الْأَبِ لَا تَتَجَزَّأُ، وَفِي اعْتِبَارِ هَذِهِ تَجْزِئَتُهَا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ رَقَبَتِهِ وَهَذَا نَقْضُ الْمَوْضُوعِ. وَلَهُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ مُسْتَبِدٌّ بِالتَّصَرُّفِ فَيَكُونُ أَهْلًا لِلْوِصَايَةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ، فَإِنَّ الصِّغَارَ وَإِنْ كَانُوا مُلَّاكًا لَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ الْمَنْعِ فَلَا مُنَافَاةَ، وَإِيصَاءُ الْمَوْلَى إلَيْهِ يُؤْذِنُ بِكَوْنِهِ نَاظِرًا لَهُمْ وَصَارَ كَالْمُكَاتَبِ، وَالْوِصَايَةُ قَدْ تَتَجَزَّأُ عَلَى مَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ نَقُولُ: يُصَارُ إلَيْهِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى إبْطَالِ أَصْلِهِ، وَتَغْيِيرِ الْوَصْفِ لِتَصْحِيحِ الْأَصْلِ أَوْلَى.

قَالَ (وَمَنْ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ بِالْوَصِيَّةِ ضَمَّ إلَيْهِ الْقَاضِي غَيْرَهُ) رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُوصِي وَالْوَرَثَةِ، وَهَذَا لِأَنَّ تَكْمِيلَ النَّظَرِ يَحْصُلُ بِضَمِّ الْآخَرِ إلَيْهِ لِصِيَانَتِهِ وَنَقْصِ كِفَايَتِهِ فَيَتِمُّ النَّظَرُ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ، وَلَوْ شَكَا إلَيْهِ الْوَصِيُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَعْرِفَ ذَلِكَ حَقِيقَةً، لِأَنَّ الشَّاكِيَ قَدْ يَكُونُ كَاذِبًا تَخْفِيفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا ظَهَرَ عِنْدَ الْقَاضِي عَجْزُهُ أَصْلًا

الْهِدَايَةِ كُلُّهُمْ ذَكَرُوا قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ بِلَا اضْطِرَابٍ، كَالطَّحَاوِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْكَرْخِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَأَبِي اللَّيْثِ فِي نُكَتِ الْوَصَايَا وَالْقُدُورِيِّ فِي التَّقْرِيبِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَصَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ فِيهَا وَفِي شَرْحِهَا وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِنَا اهـ.

أَقُولُ: نَظَرُهُ سَاقِطٌ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي كُتُبِ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ عَدَّهُمْ أَنْ لَا يَكُونَ قَوْلُهُ مُضْطَرِبًا فِي نَقْلِ أَحَدٍ أَصْلًا، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ: وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا كُلُّهُمْ فَإِنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ نَفْسِهِ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنَّهَا بَاطِلَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي الْكِتَابِ مُضْطَرِبٌ ذَكَرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي بَعْضِهَا مَعَ أَبِي يُوسُفَ انْتَهَى. نَعَمْ الَّذِي وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ كَوْنُ قَوْلِهِ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَلِهَذَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ ذَكَرَ قَوْلَهُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَأَشَارَ إلَى وُقُوعِ رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ حَيْثُ قَالَ: وَقِيلَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ فَلَا غُبَارَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ مُسْتَبِدٌّ بِالتَّصَرُّفِ فَيَكُونُ أَهْلًا لِلْوِصَايَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ، فَإِنَّ الصِّغَارَ وَإِنْ كَانُوا مُلَّاكًا لَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ الْمَنْعِ فَلَا مُنَافَاةَ) قِيلَ: عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَهُ فَيَتَحَقَّقَ الْمَنْعُ وَالْمُنَافَاةُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْإِيصَاءُ إلَيْهِ لَمْ يَبْقَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْبَيْعِ، كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>