للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ، وَلَا ضَرُورَةَ لِأَنَّهُ جَمَعَ هَاهُنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ: أَشَارَ أَوْ كَتَبَ، وَإِنَّمَا اسْتَوَيَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ، وَفِي الْكِتَابَةِ زِيَادَةُ بَيَانٍ لَمْ يُوجَدْ فِي الْإِشَارَةِ، وَفِي الْإِشَارَةِ زِيَادَةُ أَثَرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي الْكِتَابِ لَمَّا أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى النُّطْقِ مِنْ آثَارِ الْأَقْلَامِ فَاسْتَوَيَا (وَكَذَلِكَ الَّذِي صَمَتَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ لِعَارِضٍ) لِمَا بَيَّنَّا فِي الْمُعْتَقَلِ لِسَانُهُ أَنَّ آلَةَ النُّطْقِ قَائِمَةٌ، وَقِيلَ هَذَا تَفْسِيرٌ لِمُعْتَقَلِ اللِّسَانِ.

قَالَ (وَإِذَا كَانَتْ الْغَنَمُ مَذْبُوحَةً وَفِيهَا مَيْتَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الْمَذْبُوحَةُ أَكْثَرَ تَحَرَّى فِيهَا وَأَكَلَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ أَكْثَرَ أَوْ كَانَا نِصْفَيْنِ لَمْ يَأْكُلْ) وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْحَالَةُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ. أَمَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ يَحِلُّ لَهُ التَّنَاوُلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ. لِأَنَّ الْمَيْتَةَ الْمُتَيَقَّنَةَ تَحِلُّ لَهُ فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ، فَاَلَّتِي تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ذَكِيَّةً أَوْلَى، غَيْرَ أَنَّهُ يَتَحَرَّى لِأَنَّهُ طَرِيقٌ يُوَصِّلُهُ إلَى الذَّكِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا

إلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ جَمَعَ هَاهُنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَشَارَ أَوْ كَتَبَ) قَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ: وَلَنَا فِي دَعْوَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا نَظَرٌ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَإِذَا كَانَ الْأَخْرَسُ يَكْتُبُ أَوْ يُومِئُ وَكَلِمَةٌ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ لَا لِلْجَمْعِ، عَلَى أَنْ نَقُولَ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَإِنْ كَانَ الْأَخْرَسُ لَا يَكْتُبُ وَكَانَتْ لَهُ إشَارَةٌ تُعْرَفُ فِي نِكَاحِهِ وَطَلَاقِهِ وَشِرَائِهِ وَبَيْعِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَيُعْلَمُ مِنْ إشَارَةِ رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَخْرَسِ لَا تُعْتَبَرُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ بَيَّنَ حُكْمَ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ بِشَرْطِ أَنْ يَكْتُبَ، فَافْهَمْ إلَى هُنَا لَفْظُهُ.

أَقُولُ: نَظَرُهُ سَاقِطٌ جِدًّا، إذْ لَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ مَادَّةٍ مِنْ مَوَادِّ إعْلَامِ الْأَخْرَسِ، بَلْ مُرَادُهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي جَوَازِ إعْلَامِ الْأَخْرَسِ مُرَادُهُ بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا شَكَّ فِي دَلَالَةِ كَلِمَةٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهَا لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِلَا تَعْيِينٍ، فَإِذَا أَتَى الْأَخْرَسُ بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادِهِ يَتَحَقَّقُ الْإِتْيَانُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الشَّرْعِ، أَيْ يُقْبَلُ وَيَعْمَلُ بِهِ بِمُوجَبِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَأَمَّا عِلَاوَتُهُ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ إلَخْ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ أَيْضًا، لِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ دَلَالَةُ مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى اسْتِوَاءِ الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لِأَنَّهُ جَمَعَ هَاهُنَا بَيْنَهُمَا أَنَّهُ جَمَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ الْمَذْكُورُ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ جَمَعَ هُنَا بَيْنَهُمَا: أَيْ جَمَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَيْنَ الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي إشَارَةَ مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ إلَى أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ لَا تُعْتَبَرُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.

فَإِنْ قُلْت: فَعَلَى هَذَا كَيْفَ يَتِمُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْإِشَارَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مَبْنِيًّا عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ، فَمَا مَعْنَى نِسْبَةِ التَّوَهُّمِ إلَيْهِمْ؟ قُلْت: مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْإِشَارَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ أَصْلًا: أَيْ فِي رِوَايَةٍ مَا. وَلَك أَنْ تَقُولَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نِسْبَةُ التَّوَهُّمِ إلَيْهِمْ بِالنَّظَرِ إلَى الدِّرَايَةِ دُونَ الرِّوَايَةِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَتْ الْغَنَمُ مَذْبُوحَةً وَفِيهَا مَيْتَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الْمَذْبُوحَةُ أَكْثَرَ تَحَرَّى فِيهَا وَأَكَلَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ أَكْثَرَ أَوْ كَانَا نِصْفَيْنِ لَمْ يَأْكُلْ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ أَخْذًا مِنْ النِّهَايَةِ: طُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>