للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِمَا إِذَا اشْتَرَيَا عَبْدًا فَأَقَالَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ

. وَلَهُمَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً يَكُونُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ جَازَ فِي نَصِيبِهِمَا لَا بُدَ مِنْ إِجَازَةِ الْآخَرِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْعَيْنِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ صَارَ وَاجِبًا بِالْعَقْدِ وَالْعَقْدُ قَامَ بِهِمَا فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِرَفْعِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَشَارَكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ، فَإِذَا شَارَكَهُ فِيهِ رَجَعَ الْمُصَالِحُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَيُؤَدِّي إِلَى عَوْدِ السَّلَمِ بَعْدَ سُقُوطِهِ. قَالُوا: هَذَا إِذَا خَلَطَا رَأْسَ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا قَدْ خَلَطَاهُ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي هُوَ عَلَى الِاتِّفَاقِ.

مُقْتَضِيًا لِشَيْءٍ لَزِمَ أَنْ لَا يَرْجِعَ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ، كَمَا فِي الصُّلْحِ عَنْ جِنَايَةِ الْعَمْدِ فَلَمْ يَظْهَرْ لِلتَّقْيِيدِ وَجْهٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُمَا أَنَّهُ لَوْ جَازَ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً يَكُونُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ جَازَ فِي نَصِيبِهِمَا لَا بُدَّ مِنْ إِجَازَةِ الْآخَرِ)، يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ جَازَ، فَأَمَّا إِنْ جَازَ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً أَوْ فِي النِّصْفِ مِنَ النَّصِيبَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَزِمَ قِسْمَةَ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ خُصُوصِيَّةَ نَصِيبِهِ لَا تَظْهَرُ إِلَّا بِالتَّمْيِيزِ وَلَا تَمْيِيزَ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا بُدَّ مِنْ إِجَازَةِ الْآخَرِ لِتَنَاوُلِهِ بَعْضَ نَصِيبِهِ.

أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا: فَلِأَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ مَنْقُوضٌ بِسَائِرِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ جَارَ فِيهَا بِعَيْنِهِ، كَمَا لَا يَخْفَى مَعَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ الصُّلْحِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ.

وَأَمَا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ قِسْمَةَ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ إِنَّمَا لَا تَجُوزُ إِذَا كَانَتْ قَصْدًا، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ ضِمْنًا فَتَجُوزُ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَقَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ، وَفِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنَ التَّرْدِيدِ الْمَذْكُورِ إِنَّمَا لَزِمَ قِسْمَةَ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الصُّلْحِ فَلَا مَحْذُورَ فِي اللَّازِمِ.

(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَشَارَكَهُ فِي الْمَقْبُوضِ، فَإِذَا شَارَكَهُ فِيهِ رَجَعَ الْمُصَالِحُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَيُؤَدِّي إِلَى عَوْدِ السَّلَمِ بَعْدَ سُقُوطِهِ). قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَخْذًا مِنْ شَرْحِ تَاجِ الشَّرِيعَةِ: وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>