للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَهُمْ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنَ التَّصَرُّفِ، إِذْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِيهِ لِيُعْتَقَ عَلَيْهِ (فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمْ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْهُمْ) لِمِلْكِهِ بَعْضَ قَرِيبِهِ (وَلَمْ يَضْمَنْ لِرَبِ الْمَالِ شَيْئًا) لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ مِنْ جِهَتِهِ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَلَا فِي مِلْكِهِ الزِّيَادَةَ، لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ يَثْبُتُ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ فَصَارَ كَمَا إِذَا وَرِثَهُ مَعَ غَيْرِهِ (وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهُ) لِأَنَّهُ احْتُسِبَتْ مَالِيَّتُهُ عِنْدَهُ فَيَسْعَى فِيهِ كَمَا فِي الْوَرَثَةِ.

قَالَ (فَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ فَوَطِئَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ ثُمَّ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ

فِي الْجَوَابِ الْمَزْبُورِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ قَوْلُهُ: وَاعْمَلْ بِهِ بِالْكُوفَةِ لِلْحَالِ وَهِيَ كَوْنُ الْعَمَلِ بَعْدَ الْأَخْذِ لَا وَقْتَ الْأَخْذِ جَارِيَةٌ بِعَيْنِهَا فِي قَوْلِهُ: تَعْمَلُ بِهِ بِالْكُوفَةِ بِالرَّفْعِ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْحَالِ أَيْضًا. وَإِنْ قَالُوا: هَذَا حَالٌ مُقَدَّرَةٌ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾ يَرُدُّ أَنْ يُقَالَ: لِمَ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهُ: وَاعْمَلْ بِهِ بِالْكُوفَةِ فَلَا تَنْحَسِمُ مَادَّةُ الْإِشْكَالِ بِذَلِكَ الْجَوَابِ.

ثُمَّ أَقُولُ: الْجَوَابُ التَّامُّ عَنْ أَصْلِ السُّؤَالِ الْحَاسِمِ مَادَّةُ الْإِشْكَالِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: وَاعْمَلْ بِهِ بِالْكُوفَةِ جُمْلَةٌ إِنْشَائِيَّةٌ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْجُمَلَ الْإِنْشَائِيَّةَ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَقَعَ حَالًا سَوَاء كَانَتْ مَعَ الْوَاوِ أَوْ بِدُونِهَا.

وَهَذَا مَعَ وُضُوحِهِ جَدًّا كَيْفَ خُفَّيَ عَلَى الشُّرَّاحِ حَتَّى تَرَكُوهُ وَتَشَبَّثُوا بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْإِشْكَالُ، وَالشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ قَدْ اعْتَرَضَ عَلَى الْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَامَّةُ الشُّرَّاحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَاعْمَلْ بِهِ بِالْكُوفَةِ حَالًا مُنْتَظَرَةً، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ﴾ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا شَيْئًا فَهُوَ أَيْضًا غَفَلَ عَنْ عَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْجُمَلِ الْإِنْشَائِيَّةِ؛ لِأَنْ تَقَعَ حَالًا. ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ تَدَارَكَ مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ وَقَصَدَ تَوْجِيهَ الْجَوَابِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعَامَّةُ فَقَالَ: وَجَعَلَهُ حَالًا مُقَدَّرَةً خِلَافَ الظَّاهِرِ فَكَأَنَّهُ أَيْضًا غَافِلٌ عَنْ عَدَمِ صَلَاحِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>