للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ لِلْعَبْدِ يَدًا مُعْتَبَرَةً خُصُوصًا إِذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ وَاشْتِرَاطُ الْعَمَلِ إِذَنْ لَهُ، وَلِهَذَا لَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى وِلَايَةُ أَخْذِ مَا أَوْدَعَهُ الْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعِ الْمَوْلَى مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنَ التَّسْلِيمِ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنَ التَّسْلِيمِ عَلَى مَا مَرَّ، وَإِذَا صَحَّتِ الْمُضَارَبَةُ يَكُونُ الثُّلُثُ لِلْمُضَارِبِ بِالشَّرْطِ وَالثُّلُثَانِ لِلْمَوْلَى، لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ لِلْغُرَمَاءِ. هَذَا إِذَا كَانَ الْعَاقِدُ هُوَ الْمَوْلَى، وَلَوْ عَقَدَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ مَعَ أَجْنَبِيٍّ وَشَرَطَ الْعَمَلَ عَلَى الْمَوْلَى لَا يَصِحُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّ هَذَا اشْتِرَاطُ الْعَمَلِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ عِنْدَهُ عَلَى مَا عُرِفَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

بِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ لَا لِلشَّرْطِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي عَبْدِ الْمُضَارِبِ كَذَا أَيْضًا، وَنُقِلَ عَنِ الذَّخِيرَةِ وَالْمَعْنَى تَفْصِيلًا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ صَاحِبُ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: التَّقْيِيدُ بِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ لَا لِلشَّرْطِ، فَإِنَّ حُكْمَ عَبْدِ الْمُضَارِبِ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ شَرْطَ الْأَجْنَبِيُّ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ الْمُضَارِبِ أَوْ شَهَادَةَ رَبِّ الْمَالِ لَهُ. وَقِيلَ: قَيَّدَ بِعَبْدِ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَفِي غَيْرِهِ لَا خِلَافَ. وَجْهُ قَوْلِ الْبَعْضِ: إِنَّ يَدَ الْغُلَامِ كَيْدِ سَيِّدِهِ، فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَمَلِهِ كَاشْتِرَاطِ عَمَلِ رَبِّ الْمَالِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقِيلَ؛ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ ذَلِكَ عَنْهُ: وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ اشْتِرَاطِ عَمَلِ عَبْدِ الْمُضَارِبِ أَوِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الثُّلْثُ، انْتَهَى.

أَقُولُ: لَا يُفْهَمُ لِهَذَا الْبَحْثِ وَجْهُ وُرُودٍ عَلَى ذَلِكَ الْمَنْقُولِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>