للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَظِيرُهُ خَلْطُ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا إِذَابَةً لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَائِعًا بِالْإِذَابَةِ

قَالَ (وَإِنِ اخْتَلَطَتْ بِمَالِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَهُوَ شَرِيكٌ لِصَاحِبِهَا) كَمَا إِذَا انْشَقَّ الْكِيسَانِ فَاخْتَلَطَا لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْهُ فَيَشْتَرِكَانِ وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ. قَالَ (فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُودَعُ بَعْضَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهُ فَخَلَطَهَا بِالْبَاقِي ضَمِنَ الْجَمِيعَ) لِأَنَّهُ خَلَطَ مَالَ غَيْرِهِ بِمَالِهِ فَيَكُونُ اسْتِهْلَاكًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ.

قَالَ: (وَإِذَا تَعَدَّى الْمُودَعُ فِي الْوَدِيعَةِ بِأَنْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ أَوْ أَوْدَعَهَا غَيْرَهُ ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ فَرَدَّهَا إِلَى يَدِهِ زَالَ الضَّمَانُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَبْرَأُ عَنِ الضَّمَانِ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ ارْتَفَعَ حِينَ صَارَ ضَامِنًا لِلْمُنَافَاةِ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَنَا أَنَّ الْأَمْرَ بَاقٍ لِإِطْلَاقِهِ، وَارْتِفَاعُ حُكْمِ الْعَقْدِ ضَرُورَةُ ثُبُوتِ نَقِيضِهِ، فَإِذَا ارْتَفَعَ عَادَ حُكْمُ الْعَقْدِ، كَمَا إِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ شَهْرًا فَتَرَكَ الْحِفْظَ فِي بَعْضِهِ ثُمَّ حَفِظَ فِي الْبَاقِي

مُوجِبَاتِ نَفْسِ الشَّرِكَةِ، اهـ.

أَقُولُ: هَذَا سَاقِطٌ، فَإِنَّ الْقِسْمَةَ نَفْسَهَا لَيْسَتْ مِنْ مُوجِبَاتِ الشَّرِكَةِ قَطْعًا؛ إِذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي شَيْءٍ قِسْمَةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَا فِيهِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ أَبَدًا، فَإِنَّمَا الَّذِي مِنْ مُوجِبَاتِ نَفْسِ الشَّرِكَةِ وَجَوَازِهَا هُوَ جَوَازُ الْقِسْمَةِ لَا الْقِسْمَةُ نَفْسُهَا، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَازُ الْقِسْمَةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ عِلَّةً مُوجِبًا لِلشَّرِكَةِ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ الْمَعْلُولُ عِلَّةً، فَإِنَّ الْمَعْلُولَ هُنَا عِنْدَهُمَا جَوَازُ الشَّرِكَةِ قَبْلَ أَنْ تَتَعَلَّقَ مَشِيئَةُ الْمُودَعِ بِالشَّرِكَةِ، وَنَفْسُ الشَّرِكَةِ بَعْدَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>