ضَمِنَ مَا زَادَ الثِّقَلُ)؛ لِأَنَّهَا عَطِبَتْ بِمَا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ وَمَا هُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالسَّبَبُ الثِّقَلُ فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا (إلَّا إذَا كَانَ حَمْلًا لَا يُطِيقُهُ مِثْلُ تِلْكَ الدَّابَّةِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهَا) لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهَا أَصْلًا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعَادَةِ.
قَالَ: (وَإِنْ كَبَحَ الدَّابَّةَ بِلِجَامِهَا أَوْ ضَرَبَهَا فَعَطِبَتْ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا مُتَعَارَفًا)؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْعَقْدِ فَكَانَ حَاصِلًا بِإِذْنِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْإِذْنَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ
ضَمِنَ بِقَدْرِ ثِقَلِهِ إذَا كَانَ لَا يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَمْلِ انْتَهَى. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: وَلِأَنَّ الْآدَمِيَّ غَيْرُ مَوْزُونٍ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ تَصْدِيرَ الْكَلَامِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ لِذَلِكَ. انْتَهَى. أَقُولُ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي لَا يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ لَمَّا صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْحَمْلِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلِأَنَّ الْآدَمِيَّ غَيْرُ مَوْزُونٍ فَلَمْ يَكُنْ مَا قِيلَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ.
وَيُرْشِدُ إلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ الْفِقْهُ فِي اعْتِبَارِ عَدَدِ الرَّاكِبِ فِي الْآدَمِيِّ لَا الثِّقَلِ هُوَ أَنَّ الْآدَمِيَّ مَخْصُوصٌ بِعِلْمِ الْفُرُوسِيَّةِ، وَعَنْ هَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الْجَوَابِ فِيمَا إذَا أَرْدَفَ مِثْلَهُ، وَأَمَّا إذَا أَرْدَفَ صَبِيًّا يَضْمَنُ بِقَدْرِ ثِقَلِهِ، لَكِنَّ هَذَا فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ، وَكَانَ مِثْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَمْلِ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ، إلَى هُنَا لَفْظُ النِّهَايَةِ تَأَمَّلْ تَرْشُدْ. ثُمَّ إنَّهُ لَا مَجَالَ لِلْقَصْدِ إلَى تَضْعِيفِ ذَلِكَ الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي عَامَّةِ مُعْتَبَرَاتِ الْفَتَاوَى، وَنَاهِيكَ بِقَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ ذَلِكَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ: وَمِنْ الْعَجَائِبِ هَاهُنَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي: وَلِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يُوزَنُ بِالْقَبَّانِ بَدَلَ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَلِأَنَّ الْآدَمِيَّ غَيْرُ مَوْزُونٍ نَقَلَهُ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ وَقَالَ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ شَاهَدْنَا كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ وَزَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْقَبَّانِ؛ لِيَعْرِفُوا وَزْنَهَا، وَلَكِنْ لَا يَنْضَبِطُ هَذَا عَلَى مَا لَا يَخْفَى انْتَهَى فَكَأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْكَافِي أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُوزَنَ الْآدَمِيُّ بِالْقَبَّانِ أَصْلًا وَهَلْ يُوجَدُ فِي الْعَالَمِ مِنْ الْمُمْكِنَاتِ الْقَائِمَةِ بِذَاتِهَا شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُوزَنَ أَصْلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدًا أَوْ جِسْمًا لَطِيفًا
(قَوْلُهُ: وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا مُتَعَارَفًا؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْعَقْدِ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute