(وَإِنْ وَجَدَ الْمَوْلَى الْأَجْرَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ)؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ (وَيَجُوزُ قَبْضُ الْعَبْدِ الْأَجْرَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا)؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ عَلَى اعْتِبَارِ الْفَرَاغِ عَلَى مَا مَرَّ.
(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ شَهْرًا بِأَرْبَعَةٍ وَشَهْرًا بِخَمْسَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِأَرْبَعَةٍ)؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِي الْعَقْدَ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ أَوْ نَظَرًا إلَى تَنَجُّزِ الْحَاجَةِ فَيَنْصَرِفُ الثَّانِي إلَى مَا يَلِي الْأَوَّلَ ضَرُورَةً.
الْأَجْرَ فَقَدْ زَادَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ فَعَمِلَ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ. أَقُولُ: فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّ وَضْعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَ إذَا اسْتَأْجَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ شَهْرًا كَمَا تَرَى فَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ الْمُدَّةَ، وَهِيَ الشَّهْرُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ، وَعَرَفْت فِيمَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ الْأَجِيرَ يَصِيرُ بِذِكْرِ الْوَقْتِ أَجِيرًا خَاصًّا، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ أَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِرَعْيِ الْغَنَمِ فَمَا مَعْنَى اعْتِبَارِ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمُدَّةِ.
نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْأَجْرَ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ مِنْ الْأَجْرِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ صَرَاحَةً فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ اعْتِمَادًا عَلَى ظُهُورِ كَوْنِهِ مُرَادًا. فَإِنْ قُلْت: مَنْ زَادَ قَيْدَ فَعَمِلَ أَرَادَ بِالْعَمَلِ تَسْلِيمَ النَّفْسِ. قُلْت: لَا يُرَى لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ، إذْ لَا اتِّحَادَ بَيْنَهُمَا وَلَا اسْتِلْزَامَ، فَإِنَّ الْعَمَلَ يُوجَدُ بِدُونِ تَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ مُطْلَقًا، وَتَسْلِيمُ النَّفْسِ يُوجَدُ بِدُونِ الْعَمَلِ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ الَّذِي سَلَّمَ نَفْسَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ فَمَا وَجْهُ ذِكْرِ الْعَمَلِ، وَإِرَادَةِ تَسْلِيمِ النَّفْسِ؟. وَالْإِنْصَافُ أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِهِ كَمَا صَنَعَ الْمُصَنِّفُ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّهْرَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِي الْعَقْدَ تَحَرَّيَا لِلْجَوَازِ أَوْ نَظَرًا إلَى تَنَجُّزِ الْحَاجَةِ) قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ: فَإِنْ قُلْت: هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا نُكِّرَ الشَّهْرُ، وَهُنَا عُرِّفَ بِقَوْلِهِ هَذَيْنِ. قُلْت: رَأَيْت فِي الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute