قَالَ (وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ لِرَجُلٍ: اشْتَرِ لِي نَفْسِي مِنْ الْمَوْلَى بِأَلْفٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ لِلْمَوْلَى: اشْتَرَيْته لِنَفْسِهِ فَبَاعَهُ عَلَى هَذَا فَهُوَ حُرٌّ وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى)؛ لِأَنَّ بَيْعَ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَشِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ قَبُولُ الْإِعْتَاقِ بِبَدَلٍ وَالْمَأْمُورُ سَفِيرٌ عَنْهُ إذْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْحُقُوقَ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ إعْتَاقًا أَعْقَبَ الْوَلَاءَ (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِلْمَوْلَى فَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُشْتَرِي)
هُوَ الْعَبْدُ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: أَيْ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ الْأَجْنَبِيَّ بِشِرَاءِ نَفْسِهِ، وَالْأَجْنَبِيُّ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: أَيْ تَوْكِيلُ الْأَجْنَبِيِّ الْعَبْدَ بِشِرَاءِ نَفْسِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَالتَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْ مَوْلَاهُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَنْ يُوَكِّلَ الْعَبْدُ رَجُلًا لِيَشْتَرِيَهُ مِنْ مَوْلَاهُ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، وَأَنْ يُوَكِّلَ الْعَبْدَ رَجُلٌ لِيَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ. فَالْعَبْدُ فِي الْأَوَّلِ مُوَكِّلٌ، وَفِي الثَّانِي وَكِيلٌ. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَتَنَاوَلُهُمَا بِجَعْلِ الْأَلْفِ وَاللَّامِ بَدَلًا مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَجَعْلِ الْمَصْدَرِ مُضَافًا إلَى الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ، وَذِكْرُ أَحَدِهِمَا مَتْرُوكٌ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ فِي تَوْكِيلِ الْعَبْدِ رَجُلًا أَوْ فِي تَوْكِيلِ الْعَبْدِ رَجُلٌ انْتَهَى.
أَقُولُ: تَنَاوُلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلٌ فِي التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ نَفْسِ الْعَبْدِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ وَفِي ذَلِكَ تَعَسُّفٌ لَا يَخْفَى، فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَدِّرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالْمَتْرُوكِ أَمْرًا عَامًّا، مِثْلُ أَنْ يُقَالَ: فَصْلٌ فِي تَوْكِيلِ أَحَدٍ آخَرَ بِشِرَاءِ نَفْسِ الْعَبْدِ لِيَتَنَاوَلَ عُنْوَانَ هَذَا الْفَصْلِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ الشُّمُولِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ (قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ لِرَجُلٍ اشْتَرِ لِي نَفْسِي مِنْ الْمَوْلَى) أَيْ مِنْ مَوْلَايَ (بِأَلْفٍ وَدَفَعَهَا) أَيْ دَفَعَ الْعَبْدُ الْأَلْفَ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الرَّجُلِ الَّذِي وَكَّلَهُ (فَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ) أَيْ الْوَكِيلُ (لِلْمَوْلَى اشْتَرَيْته أَيْ الْعَبْدَ لِنَفْسِهِ) أَيْ لِنَفْسِ الْعَبْدِ (فَبَاعَهُ عَلَى هَذَا) أَيْ فَبَاعَ الْمَوْلَى ذَلِكَ الْعَبْدَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (فَهُوَ حُرٌّ) أَيْ فَذَلِكَ الْعَبْدُ حُرٌّ يَعْنِي صَارَ حُرًّا (وَالْوَلَاءُ لِلْمَوْلَى) أَيْ وَوَلَاءُ ذَلِكَ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى (لِأَنَّ بَيْعَ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ (إعْتَاقٌ) أَيْ إعْتَاقٌ عَلَى مَالِ، وَالْإِعْتَاقُ عَلَى الْمَالِ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُعْتِقِ، وَقَدْ وَجَدَ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ.
(وَشِرَاءُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ قَبُولُ الْإِعْتَاقِ بِبَدَلٍ وَالْمَأْمُورُ سَفِيرٌ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْعَبْدِ حَيْثُ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَيْهِ (إذْ لَا يُرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقَ) أَيْ لَا يُرْجِعُ إلَى الْمَأْمُورِ حُقُوقَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْعَبْدِ فَقَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ رَسُولًا، وَلَا عُهْدَةَ عَلَى الرَّسُولِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (فَصَارَ كَأَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (اشْتَرَى) نَفْسَهُ (بِنَفْسِهِ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ (وَإِذَا كَانَ إعْتَاقًا) أَيْ وَإِذَا كَانَ بَيْعُ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْ الْعَبْدِ إعْتَاقًا لِذَلِكَ الْعَبْدِ (أَعْقَبَ الْوَلَاءَ) أَيْ أَعْقَبَ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ فَثَبَتَ أَنَّ الْعَبْدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَارَ حُرًّا وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمَوْلَى (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِلْمَوْلَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْوَكِيلُ اشْتَرَيْت الْعَبْدَ لِنَفْسِ الْعَبْدِ (فَهُوَ عَبْدٌ لِلْمُشْتَرِي) يَعْنِي صَارَ مِلْكًا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute