للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْبَدَلَ هُوَ الْقِيمَةُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ : أَنَّهُ يُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ صُورَةً، وَيُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ هُوَ الْبَدَلُ مَعْنًى.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ بِأَدَاءِ عَيْنِ الْخَمْرِ إذَا قَالَ إنْ أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْعِتْقُ بِالشَّرْطِ لَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ، وَصَارَ كَمَا إذَا كَاتَبَ عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ وَلَا فَصْلَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَيْتَةِ أَنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُ مَعْنَى الْعَقْدِ فِيهِ، وَمُوجِبُهُ الْعِتْقُ عِنْدَ أَدَاءِ الْعِوَضِ الْمَشْرُوطِ.

وَأَمَّا الْمَيْتَةُ فَلَيْسَتْ بِمَالٍ أَصْلًا فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ مَعْنَى الْعَقْدِ فِيهِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ مَعْنَى الشَّرْطِ وَذَلِكَ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ (وَإِذَا عَتَقَ بِأَدَاءِ عَيْنِ الْخَمْرِ لَزِمَهُ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ رَقَبَتِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ

مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ بِلَا رَيْبٍ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ صُورَةً، وَيُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ هُوَ الْبَدَلُ مَعْنًى) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ، فَعَلَى هَذَا كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَخُصَّ أَبَا يُوسُفَ وَأَنْ لَا يَذْكُرَ بِكَلِمَةِ " عَنْ " انْتَهَى.

وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بَعْدَ نَقْلِ مَا فِي النِّهَايَةِ: قُلْت صَحِيحٌ إنْ كَانَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْقِيمَةِ بَدَلًا عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَدَلًا عَنْ الْخَمْرِ كَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ غَيْرَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ بَعْدَ نَقْلِ مَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ جَمِيعًا قُلْت: سَوَاءٌ جَعَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْقِيمَةِ بَدَلًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْخَمْرِ فَعِتْقُهُ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ هُوَ ظَاهِرُ الرَّاوِيَةِ عِنْدَهُمْ، وَالشُّرَّاحُ مَا جَعَلُوا الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْقِيمَةِ إلَّا بَدَلًا عَنْ نَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. أَقُولُ: مَا قَالَهُ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ.

أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ إنَّمَا هُوَ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ وَبِأَدَاءِ قِيمَةِ نَفْسِهِ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ هَاهُنَا بِكَلِمَةِ عَنْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَجْعَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْقِيمَةِ بَدَلًا عَنْ الْخَمْرِ إنَّمَا يَكُونُ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ عَيْنِ الْخَمْرِ وَبِأَدَاءِ قِيمَةِ الْخَمْرِ، وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَطْعًا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاكِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَحَدِ الْجُزْأَيْنِ وَهُوَ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ عَيْنِ الْخَمْرِ اتِّحَادُهُمَا ضَرُورَةً اخْتِلَافَهُمَا بِالْجُزْءِ الْآخَرِ وَهُوَ عِتْقُهُ بِأَدَاءِ قِيمَةِ نَفْسِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعِتْقُهُ بِأَدَاءِ قِيمَةِ الْخَمْرِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.

فَقَوْلُهُ سَوَاءٌ جَعَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْقِيمَةِ بَدَلًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ الْخَمْرِ فَعِتْقُهُ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَهُمْ لَغْوٌ مَحْضٌ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ صَاحِبَ غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ الشُّرَّاحِ جَعَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْقِيمَةِ بَدَلًا عَنْ الْخَمْرِ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَقَامِ: وَأَبُو يُوسُفَ قَالَ: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَيْنِ الْخَمْرِ وَقِيمَتِهَا بَدَلُ الْخَمْرِ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَالْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى فَعَتَقَ إذَا أَدَّى أَيَّهُمَا كَانَ انْتَهَى. وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بَدَلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>