للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَجُزْ، غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ يَجِبُ تَسْلِيمُ عَيْنِهِ، وَعِنْدَ عَدَمِهَا يَجِبُ تَسْلِيمُ قِيمَتِهِ كَمَا فِي النِّكَاحِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا صِحَّةُ التَّسْمِيَةِ لِكَوْنِهِ مَالًا، وَلَوْ مَلَكَ الْمُكَاتَبُ ذَلِكَ الْعَيْنَ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا أَدَّاهُ لَا يُعْتَقُ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ الْعَقْدُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَحِينَئِذٍ يُعْتَقُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ، وَهَكَذَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ .

وَعَنْهُ أَنَّهُ يُعْتَقُ قَالَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقُلْ، لِأَنَّ الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ مَعَ الْفَسَادِ لِكَوْنِ الْمُسَمَّى مَالًا فَيُعْتَقُ بِأَدَاءِ الْمَشْرُوطِ.

وَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَيْنٍ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى.

قَالَ (وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ) فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هِيَ جَائِزَةٌ، وَيُقَسَّمُ الْمِائَةُ الدِّينَارِ عَلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ وَعَلَى قِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ فَيَبْطُلُ مِنْهَا حِصَّةُ الْعَبْدِ فَيَكُونُ مُكَاتَبًا بِمَا بَقِيَ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُطْلَقَ يَصْلُحُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ، فَكَذَا يَصْلُحُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي أَبْدَالِ الْعُقُودِ.

وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى الْعَبْدُ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَإِنَّمَا تُسْتَثْنَى قِيمَتُهُ وَالْقِيمَةُ لَا تَصْلُحُ بَدَلًا فَكَذَلِكَ مُسْتَثْنًى.

الْقِيمَةِ حَتَّى تَتَعَيَّنَ بِتَعْيِينِهِمْ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى الْعَبْدُ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَإِنَّمَا تُسْتَثْنَى قِيمَتُهُ وَالْقِيمَةُ لَا تَصْلُحُ بَدَلًا فَكَذَلِكَ مُسْتَثْنًى) يَعْنِي أَنَّهُمَا يُسَلِّمَانِ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ، وَلَكِنْ يَقُولَانِ ذَلِكَ فِيمَا صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُورِدَ فَسَادَ الْعَقْدِ، وَهَاهُنَا اسْتِثْنَاءُ الْعَبْدِ عَيْنِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ وَهِيَ لَا تَصْلُحُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ لِتَفَاحُشِ جَهَالَتِهَا قَدْرًا وَجِنْسًا وَوَصْفًا كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ، فَكَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَقَعَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ وَالْكَافِي.

أَقُولُ: يَرُدُّ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ يَرُدَّ الْمَوْلَى عَلَيْهِ عَبْدًا مُعَيَّنًا أَيْضًا لِجَرَيَانِهِ فِيهِ أَيْضًا بِعَيْنِهِ، فَإِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ أَيْضًا مَجْهُولَةٌ جَهَالَةً فَاحِشَةً، وَلِهَذَا لَوْ كَاتَبَ عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ، وَعَدَمُ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَ عَيْنِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ وَبَيْنَ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا ظَاهِرٌ، مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْكِتَابَةَ صَحِيحَةٌ بِالِاتِّفَاقِ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ عَبْدًا مُعَيَّنًا. وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ أَنَّهُ عَلَّلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَعَزَاهُ إلَى الزَّيْلَعِيِّ.

وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ النَّقْضَ بِمَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>