للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ قَالَ لِعَبْدٍ اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ مَوْلَاك فَقَالَ لِمَوْلَاهُ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَفَعَلَ فَهُوَ لِلْآمِرِ)؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَالِيَّتِهِ، وَالْبَيْعُ يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ إلَّا أَنَّ مَالِيَّتَهُ فِي يَدِهِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْبَائِعُ الْحَبْسَ بَعْدَ الْبَيْعِ

مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقُ وَالْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ دُونَ الْوَكِيلِ. وَذَكَرَ فِي بَابِ وَكَالَةِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْعَبْدَ يُعْتَقُ وَالْمَالُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَهَكَذَا فِي وَكَالَةِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

وَجْهُ رِوَايَةِ الْجَامِعِ أَنَّ تَوَكُّلَهُ بِشِرَاءِ الْعَبْدِ لِلْعَبْدِ كَتَوَكُّلِهِ بِشِرَائِهِ لِغَيْرِهِ، وَهُنَاكَ يَصِيرُ هُوَ الْمُطَالَبُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَكَذَا هَاهُنَا. وَعَنْ عِيسَى بْنِ أَبَانَ قَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّ الثَّمَنَ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْآمِرِ، وَلَيْسَ إلَيْهِ مِنْ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ بِتَسْلِيمِ الْبَدَلِ، أَلَا يَرَى أَنَّ الْمَوْلَى لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَمَرَ الرَّجُلَ بِبَيْعِ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْ الْعَبْدِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالْأَلْفُ عَلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَاَلَّذِي يَلِي قَبْضَ الْأَلْفِ هُوَ الْمَوْلَى دُونَ الْوَكِيلِ فَكَذَا هَاهُنَا، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ

(قَالَ) أَيْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَمَنْ قَالَ لِعَبْدٍ اشْتَرِ لِي نَفْسَك مِنْ مَوْلَاك) هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَشْمَلُهُمَا هَذَا الْفَصْلُ.

فَمَنْ وَكَّلَ عَبْدًا بِشِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُضِيفَ الْعَبْدُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ إلَى نَفْسِهِ، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ (فَقَالَ لِمَوْلَاهُ بِعْنِي نَفْسِي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَفَعَلَ) أَيْ فَفَعَلَ الْمَوْلَى ذَلِكَ (فَهُوَ) أَيْ الْعَقْدُ أَوْ الْعَبْدُ (لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصْلُحُ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَالِيَّتِهِ)؛ لِأَنَّهَا لِمَوْلَاهُ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ (وَالْبَيْعُ يُرَدُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ (مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ) لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ فَكَانَ تَوْكِيلُهُ بِشِرَاءِ نَفْسِهِ كَتَوْكِيلِهِ بِغَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِ الْمَوْلَى أَوْ كَتَوْكِيلِ أَجْنَبِيٍّ بِشِرَاءِ نَفْسِهِ.

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: أَمَّا صِحَّةُ هَذَا التَّوْكِيلِ فَلِأَنَّ الْعَبْدَ مُخَاطَبٌ لَهُ عِبَارَةٌ مُلْزِمَةٌ كَالْحُرِّ، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ الْحُرُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ بِالشِّرَاءِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لَهُ عِبَارَةً صَحِيحَةً فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ (إلَّا أَنَّ مَالِيَّتَهُ فِي يَدِهِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مَالِيَّتِهِ: يَعْنِي أَنَّ مَالِيَّةَ الْعَبْدِ فِي يَدِ نَفْسِهِ (حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْبَائِعُ الْحَبْسَ بَعْدَ الْبَيْعِ) فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَحْبِسَهُ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>