للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَإِذَا كَانَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَاهَا فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثُمَّ وَطِئَهَا الْآخَرُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثُمَّ عَجَزَتْ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِقِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهَا وَصَارَ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَتَقْتَصِرُ أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ عَلَى نَصِيبِهِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَإِذَا ادَّعَى الثَّانِي وَلَدَهَا الْأَخِيرَ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ ظَاهِرًا، ثُمَّ إذَا عَجَزَتْ بَعْدَ ذَلِكَ جُعِلَتْ الْكِتَابَةُ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْجَارِيَةَ كُلَّهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ زَالَ الْمَانِعُ مِنْ الِانْتِقَالِ وَوَطْؤُهُ سَابِقٌ (وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا) لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَهُ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الِاسْتِيلَادَ (وَنِصْفَ عُقْرِهَا) لِوَطْئِهِ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً (وَيَضْمَنُ شَرِيكُهُ كَمَالَ عُقْرِهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ وَيَكُونُ ابْنَهُ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْرُورِ، لِأَنَّهُ حِينَ وَطِئَهَا كَانَ مِلْكُهُ قَائِمًا ظَاهِرًا.

دَلِيلَيْ الطَّرَفَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالتَّمَامِ قَالَ: وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ مَالَ إلَى قَوْلِهِمَا حَيْثُ أَخَّرَهُ اهـ.

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فِيهِ كَلَامٌ، لِأَنَّهُ يَأْبَى عَنْهُ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ اهـ. أَقُولُ: الَّذِي مَرَّ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ مَسْأَلَةُ الْعَتَاقِ وَالْمَذْكُورُ هَاهُنَا مَسْأَلَةُ الْكِتَابَةِ وَاسْتِلْزَامُ تَرْجِيحِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْتَاقِ تَرْجِيحَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابَةِ مَمْنُوعٌ، سِيَّمَا إذَا كَانَتْ كِتَابَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ الْآخَرِ كَمَا نَحْنُ فِيهِ، فَمِنْ أَيْنَ يَثْبُتُ الْإِبَاءُ، وَلَئِنْ سَلِمَ الِاسْتِلْزَامُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْأَصْلِ فِي كِلْتَا الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ التَّجَزُّؤُ وَعَدَمُهُ فَتَرْجِيحُ قَوْلِهِ هُنَاكَ لَمْ يَكُنْ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ، بَلْ إنَّمَا فُهِمَ مِنْ تَأْخِيرِ دَلِيلِهِ فِي الْبَيَانِ، وَقَدْ عُكِسَ الْأَمْرُ هَاهُنَا، فَفُهِمَ مِنْهُ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا لَا مَحَالَةَ، وَلَمَّا وَقَعَ التَّدَافُعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ حَمَلْنَا الثَّانِيَ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْمَخْلَصُ فِي أَمْثَالِ هَذَا فَلَا مَحْذُورَ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَيَضْمَنُ شَرِيكُهُ كَمَالَ الْعُقْرِ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ) قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ شَرِيكُهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ حُكْمَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ أُمِّهِ، وَلَا قِيمَةَ لِأُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَهُ فَكَذَا لِابْنِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا.

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَةِ الْوَلَدِ. قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ ذَاكَ السُّؤَالِ: وَهَذَا الْجَوَابُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. أَقُولُ: يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ يُنَافِي هَذَا الْجَوَابَ قَطْعًا.

ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَقِيلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَقَوُّمِ أُمِّ الْوَلَدِ رِوَايَتَانِ، فَيَكُونُ الْوَلَدُ مُتَقَوِّمًا عَلَى إحْدَاهُمَا فَكَانَ حُرًّا بِالْقِيمَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>