لَا يَرْضَى بِبَقَائِهِ مُكَاتِبًا.
وَإِذَا صَارَتْ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَالثَّانِي وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ الْغَيْرِ (فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ حُرًّا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ) غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ (وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْعُقْرِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَعْرَى عَنْ إحْدَى الْغَرَامَتَيْنِ، وَإِذَا بَقِيَتْ الْكِتَابَةُ وَصَارَتْ كُلُّهَا مُكَاتَبَةً لَهُ، قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهَا نِصْفُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ فِيمَا لَا تَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُكَاتَبَةُ وَلَا تَتَضَرَّرُ بِسُقُوطِ نِصْفِ الْبَدَلِ.
وَقِيلَ يَجِبُ كُلُّ الْبَدَلِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَمْ تَنْفَسِخْ إلَّا فِي حَقِّ التَّمَلُّكِ ضَرُورَةً فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ سُقُوطِ نِصْفِ الْبَدَلِ وَفِي إبْقَائِهِ فِي حَقِّهِ نَظَرٌ لِلْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ لَا تَتَضَرَّرُ الْمُكَاتَبَةُ بِسُقُوطِهِ، وَالْمُكَاتَبَةُ هِيَ الَّتِي تُعْطِي الْعُقْرَ لِاخْتِصَاصِهَا بِأَبْدَالِ مَنَافِعِهَا.
وَلَوْ عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ تَرُدُّ إلَى الْمَوْلَى لِظُهُورِ اخْتِصَاصِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا
هَلَّا قُلْتُمْ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ ضَمَانًا لِصِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا بِيعَ الْمُكَاتَبُ كَمَا قُلْتُمْ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ ضَمَانًا لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ؟ وَوَجْهُ الْجَوَابِ أَنَّ فِي تَجَوُّزِ الْبَيْعِ إبْطَالَ الْكِتَابَةِ، إذْ الْمُشْتَرِي لَا يَرْضَى بِبَقَائِهِ مُكَاتَبًا، وَلَوْ أَبْطَلْنَاهَا تَضَرَّرَ بِهِ الْمُكَاتَبُ، وَفَسْخُ الْكِتَابَةِ فِيمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمُكَاتَبُ لَا يَصِحُّ، هَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ فِي حَمْلِ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ بِكَلَامِهِ هَذَا عَلَيْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ صَرَاحَةً فِي الْكَافِي بِفَإِنْ قِيلَ. قُلْنَا: ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْمَعْنَى لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَذَا بِقِيلِ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِقَوْلِهِ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ فِيمَا وَرَاءَهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ مَا لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ يَتَضَرَّرُ بِهِ فَتَبْقَى الْكِتَابَةُ كَمَا كَانَتْ انْتَهَى.
أَقُولُ: لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ ذَوْقٌ صَحِيحٌ مَا فِيهِ مِنْ الرَّكَاكَةِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَلْيُتَفَكَّرْ. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هَذَا جَوَابٌ عِنْدِي عَنْ قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ نَقْلَ الْمُكَاتَبَةِ الْمَفْرُوضَةِ مِنْ مِلْكِ الثَّانِي إلَى مِلْكِ الْأَوَّلِ عَلَى بَيْعِهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّ فِي النَّقْلِ لَا تَنْفَسِخُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute