للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ وَكَمَّلَ الِاسْتِيلَادَ عَلَى مَا بَيَّنَّا (وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُقْرِهَا) لِوَطْئِهِ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً (وَنِصْفَ قِيمَتِهَا) لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ نِصْفَهَا بِالِاسْتِيلَادِ وَهُوَ تَمَلَّكَ بِالْقِيمَةِ (وَالْوَلَدُ وَلَدُ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِقِيَامِ الْمُصَحِّحِ، وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا. وَوَجْهُهُ مَا بَيَّنَّا.

قَالَ (وَإِنْ كَانَا كَاتَبَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ عَجَزَتْ يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا) لِأَنَّهَا لَمَّا عَجَزَتْ وَرُدَّتْ فِي الرِّقِّ تَصِيرُ كَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ قِنَّةً

وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ ضَمَانُ إعْتَاقٍ فَيَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ.

وَمِنْ الْعَجَائِبِ قَوْلُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ التَّمَلُّكِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، إذْ لَا يَشْتَبِهُ عَلَى أَحَدٍ أَنَّ ضَمَانَ الْإِعْتَاقِ ضَمَانُ إفْسَادِ التَّمَلُّكِ لَا ضَمَانُ التَّمَلُّكِ، أَوْ لَمْ يَرَ قَوْلَ صَاحِبِ الْكِفَايَةِ بِصَدَدِ شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَأَمَّا إذَا أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا أَوَّلًا كَانَ هَذَا ضَمَانَ إفْسَادِ الْمِلْكِ.

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا قَوْلُهُمَا فِي الْمُكَاتَبِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِيمَا قَبْلُ بِأَسْرِهِ كَانَ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مَعَ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ صَدْرِ الْإِسْلَامِ فِيمَا قَبْلُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا تَمَلَّكَهَا أَحَدُهُمَا بِالِاسْتِيلَادِ.

وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ صَرَفَ الْقِيَاسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَذَا إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مَعًا حَيْثُ قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ قَوْلُهُمَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ. فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلَيْ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً وَمِنْ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَدَلِ انْتَهَى.

مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَسْأَلَةُ الْإِعْتَاقِ عَلَى مَا سَيَأْتِي صَرِيحٌ فِي أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي يُوسُفَ هُنَاكَ فِي أَنْ يَضْمَنَ السَّاكِتُ الْمُعْتِقُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مُكَاتَبًا إذَا كَانَ مُوسِرًا دُونَ الْأَقَلِّ مِنْهَا وَمِنْ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَدَلِ، فَكَيْفَ يَتِمُّ الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ ، نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ فِي مَسْأَلَةِ إعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُكَاتَبَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا إحْدَاهُمَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَالْأُخْرَى مَا يُوَافِقُهُ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ كَالْكَافِي وَالْبَدَائِعِ، فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْتَاقِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ هُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ ضَمَانُ الْأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَمِنْ نِصْفِ مَا بَقِيَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، لَكِنَّ كَلَامَنَا فِي عَدَمِ مُسَاعِدَةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَفْسِهِ لِصَرْفِ الْقِيَاسِ الَّذِي أَقْحَمَهُ فِي لَفْظِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هَاهُنَا إلَى قَوْلِهِمَا مَعًا.

ثُمَّ أَقُولُ: الْوَجْهُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هَاهُنَا أَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْتَاقِ.

وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِيهِ فَعَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: يُرْشِدُكَ إلَى هَذَا الْمَعْنَى قَطْعًا أُسْلُوبُ تَحْرِيرِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ بِزِيَادَةِ لَفْظِ قِيَاسٍ فِي الْأَوَّلِ وَحَذْفِهِ فِي الثَّانِي تَدَبَّرْ تَرْشُدْ (قَوْلُهُ وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا) لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَهَاهُنَا مَا بَقِيَتْ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَوْلَدَهَا الْأَوَّلُ مَلَكَ نِصْفَ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِلْكٌ لِلْمُدَبَّرِ فِيهَا فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهُ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا.

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ: أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>