للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَعْقِدَ مَعَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ)

أَنْ يَعْقِدَ مَعَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) أَيْ وَسَائِرُ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَعَبِيدِهِ وَمُكَاتَبِهِ، صَرَّحَ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِهَذِهِ الْأَمْثِلَةِ. إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ الْإِجْمَالَ فَقَالَ بَدَلَهَا: وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ. قَالَ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ فِي تَمْثِيلِ قَوْلِهِ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ مِثْلُ ابْنِهِ وَأَخِيهِ. أَقُولُ: فِي تَمْثِيلِهِ الثَّانِي خَبْطٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ هَؤُلَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي مُطْلَقِ الْوَكَالَةِ. وَأَمَّا إذَا قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِعُمُومِ الْمَشِيئَةِ بِأَنْ قَالَ بِعْ مِمَّنْ شِئْت فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَعَ هَؤُلَاءِ بِلَا خِلَافٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ ابْنٍ صَغِيرٍ لَهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ، وَنُقِلَ عَنْهُ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

(وَقَالَا: يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: تَخْصِيصُ الْبَيْعِ بِالذِّكْرِ مِنْ قَبِيلِ الِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِهِ مِنْ الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَفِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا. وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: خُصَّ قَوْلُهُمَا فِي الْكِتَابِ فِي حَقِّ جَوَازِ الْبَيْعِ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَكَانَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا فِي الْغَبْنِ الْيَسِيرِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ مِثْلِ الْقِيمَةِ فَائِدَةٌ. وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْبَيْعَ مِنْهُمْ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا فَكَانَ الْغَبْنُ الْيَسِيرُ مُلْحَقًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ فَقَالَ فِيهَا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ؛ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، فِي رِوَايَةِ الْوَكَالَةِ وَالْبُيُوعِ لَا يَجُوزُ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُضَارَبَةِ يَجُوزُ، وَبَيْعُ الْمُضَارِبِ وَشِرَاؤُهُ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَيْعُهُ مِنْهُ بِأَكْبَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَشِرَاؤُهُ مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَبِمِثْلِ الْقِيمَةِ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. فَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ عَلَى رِوَايَةِ الْوَكَالَةِ وَالْبُيُوعِ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ انْتَهَى كَلَامُهُ.

فَإِنْ قِيلَ: مَا وَجْهُ الْفَرْقِ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَالْوَكِيلِ حَيْثُ جَوَّزَ بَيْعَ الْمُضَارِبِ مِنْ هَؤُلَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ظَهَرَ الرِّبْحُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ مَعَ أَنَّ لَهُ قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ حُكْمَ الْوَكِيلِ. أُجِيبُ بِأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُضَارِبَ أَعَمُّ تَصَرُّفًا مِنْ الْوَكِيلِ فَقَدْ يَسْتَبِدُّ بِالتَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ نَهْيُهُ، وَقَدْ يَكُونُ نَائِبًا مَحْضًا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَلِشَبَهِهِ بِالْمُسْتَبِدِّ بِالتَّصَرُّفِ جَازَ تَصَرُّفُهُ مَعَ هَؤُلَاءِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَلِشَبَهِهِ بِالنَّائِبِ لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ مَعَهُمْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، فَأَمَّا الْوَكِيلُ فَنَائِبٌ مَحْضٌ فِي تَصَرُّفٍ خَاصٍّ فَيَكُونُ مُتَّهَمًا فِي تَصَرُّفِهِ مَعَ هَؤُلَاءِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ (إلَّا مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا، قَيَّدَ فِي الْمَبْسُوطِ بِقَوْلِهِ إلَّا مِنْ عَبْدِهِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>