للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْعَرَضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ . وَقَالَا: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ)؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَعَارَفِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ فَتَتَقَيَّدُ بِمَوَاقِعِهَا، وَالْمُتَعَارَفُ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَبِالنُّقُودِ وَلِهَذَا يَتَقَيَّدُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْفَحْمِ وَالْجُمْدِ وَالْأُضْحِيَّةِ بِزَمَانِ الْحَاجَةِ، وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ هِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ، وَكَذَا الْمُقَايَضَةُ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ مُطْلَقُ اسْمِ الْبَيْعِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ. وَلَهُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ،

قَالَ فِيهِ بَعْدَ بَيَانِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ: وَالسَّلَمُ وَالصَّرْفُ وَالْإِجَارَةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ

(قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْعَرْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَجَلٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ أَيْضًا عِنْدَهُ، صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَقَبُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِمَا عَزَّ وَهَانَ وَبِأَيِّ مَنْ كَانَ وَإِلَى أَجَلٍ كَانَ مُتَعَارَفًا وَغَيْرَ مُتَعَارَفٍ كَذَا قَالُوا (وَقَالَا) أَيْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ (لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَيَجُوزُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ (وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ) أَيْ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالنُّقُودِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَهُمَا إلَّا بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَإِذَا بَاعَ بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فِيمَا بَيْنَ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَإِنْ بَاعَ بِأَجَلٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ فِيمَا بَيْنَ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ بِأَنْ بَاعَ مَثَلًا إلَى خَمْسِينَ سَنَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ وَقَالَ: إنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَاقْضِ دَيْنِي، أَوْ قَالَ بِعْ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يُلَازِمُونَنِي، أَوْ قَالَ بِعْ فَإِنِّي أَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةِ عِيَالِي فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ انْتَهَى.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مِنْ جَانِبِهِمَا (لِأَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَعَارَفِ) أَيْ بِمَا هُوَ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ النَّاسِ (لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ لِدَفْعِ الْحَاجَاتِ فَتَتَقَيَّدُ بِمَوَاقِعِهَا) أَيْ فَتَتَقَيَّدُ التَّصَرُّفَاتُ بِمَوَاقِعِ الْحَاجَاتِ (وَالْمُتَعَارَفُ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَبِالنُّقُودِ وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَجْلٍ تَقَيُّدِ التَّصَرُّفَاتِ بِمَوَاقِعِهَا (يَتَقَيَّدُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْفَحْمِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اللَّحْمِ مَكَانَ الْفَحْمِ، لَكِنَّ الْفَحْمَ أَلْيَقُ لِقِرَانِ قَوْلِهِ بِزَمَانِ الْحَاجَةِ، إذْ كُلُّ الْأَزْمَانِ زَمَانُ الْحَاجَةِ إلَى اللَّحْمِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (وَالْجَمْدُ) بِسُكُونِ الْمِيمِ لَا غَيْرُ هُوَ مَا جَمَدَ مِنْ الْمَاءِ فَكَانَ فِيهِ تَسْمِيَةٌ لِلِاسْمِ بِالْمَصْدَرِ، كَذَا فِي الصِّحَاحِ وَالدِّيوَانِ (وَالْأُضْحِيَّةُ بِزَمَانِ الْحَاجَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَتَقَيَّد: أَيْ يَتَقَيَّدُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِزَمَانِ الْحَاجَةِ فَيَتَقَيَّدُ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْفَحْمِ بِأَيَّامِ الْبَرْدِ، وَبِشِرَاءِ الْجَمْدِ بِأَيَّامِ الصَّيْفِ، وَبِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ بِأَيَّامِ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهَا، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرُ (وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ) وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَهِبَةٌ مِنْ وَجْهٍ) وَلِهَذَا لَوْ حَصَلَ مِنْ الْمَرِيضِ كَانَ مُعْتَبَرًا مِنْ الثُّلُثِ، وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكَانِهِ، وَهُوَ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ دُونَ الْهِبَةِ.

(وَكَذَا الْمُقَايَضَةُ) أَيْ الْبَيْعُ بِالْعَرَضِ (بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ وَشِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ إخْرَاجَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمِلْكِ بَيْعٌ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ تَحْصِيلَ السِّلْعَةِ فِي الْمِلْكِ شِرَاءٌ (فَلَا يَتَنَاوَلُهُ) أَيْ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَبَيْعَ الْمُقَايَضَةِ (مُطْلَقُ اسْمِ الْبَيْعِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُهُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ)؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقٌ) أَيْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِشَيْءٍ (فَيَجْرِي) أَيْ يَجْرِي الْمُطْلَقُ (عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ) فَيَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ.

قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَقَامِ: وَلِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَوْلُ بِالْمُوجَبِ: أَيْ سَلَّمْنَا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>