للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انْقِطَاعِهِ عَنْ أَمْوَالِهِ وَالْوَصِيَّةُ تَخْلُفُ ثَنَاءً أَوْ ثَوَابًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْرِيعَاتِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى.

قَالَ (وَلَا يُحْجَرُ عَلَى الْفَاسِقِ إذَا كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ عِنْدَنَا وَالْفِسْقُ الْأَصْلِيُّ وَالطَّارِئُ سَوَاءٌ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُحْجَرُ عَلَيْهِ زَجْرًا لَهُ وَعُقُوبَةً عَلَيْهِ كَمَا فِي السَّفِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يُجْعَلْ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ عِنْدَهُ. وَلَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ الْآيَةَ. وَقَدْ أُونِسَ مِنْهُ نَوْعُ رُشْدٍ فَتَتَنَاوَلُهُ النَّكِرَةُ الْمُطْلَقَةُ، وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ عِنْدَنَا لِإِسْلَامِهِ فَيَكُونُ وَالِيًا لِلتَّصَرُّفِ، وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ

فِي الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ السَّفِيهِ فَقَطْ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِبَحْثِ ذَلِكَ الْقَائِلِ وَجْهٌ كَمَا لَا يَخْفَى

(قَوْلُهُ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ الْآيَةَ وَقَدْ أُونِسَ مِنْهُ نَوْعُ رُشْدٍ فَتَتَنَاوَلُهُ النَّكِرَةُ الْمُطْلَقَةُ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي الْمَبْسُوطِ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى رُشْدًا مُنْكَرٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ، وَالنَّكِرَةُ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ تَخُصُّ وَلَا تَعُمُّ، فَإِذَا أُوجِدَ رُشْدٌ مَا فُقِدَ وُجِدَ الشَّرْطُ فَيَجِبُ دَفْعُ الْمَالِ إلَيْهِ انْتَهَى.

أَقُولُ: تَقْرِيرُ دَلِيلِ أَئِمَّتِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ: يَنْتَقِضُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي السَّفِيهِ الْمُصْلِحِ فِي دِينِهِ دُونَ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا كَمَا مَرَّ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ أُونِسَ مِنْهُ نَوْعُ رُشْدٍ وَهُوَ الرُّشْدُ فِي دِينِهِ، فَتَتَنَاوَلُهُ النَّكِرَةُ الْمُطْلَقَةُ فَيَجِبُ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ أَيْضًا مَالُهُ.

وَالْأَظْهَرُ فِي تَقْرِيرِ اسْتِدْلَالِ أَئِمَّتِنَا بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي الْكِتَابِ وَشَرْحُهُ عَلَى وَفْقِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ: وَلِأَنَّ الرُّشْدَ فِي الْمَالِ مُرَادٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَكُونُ الرُّشْدُ فِي الدِّينِ مُرَادًا كَيْ لَا تَعُمَّ النَّكِرَةُ الْمُطْلَقَةُ، أَوْ لِأَنَّ الدَّفْعَ مُعَلَّقٌ بِإِينَاسِ رُشْدٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ، فَلَا يَكُونُ الرُّشْدُ فِي الدِّينِ مُرَادًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُعَلَّقًا بِرُشْدَيْنِ انْتَهَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ عِنْدَنَا لِإِسْلَامِهِ فَيَكُونُ وَالِيًا لِلتَّصَرُّفِ) أَقُولُ: يَرِدُ النَّقْضُ بِالسَّفِيهِ الْمُصْلِحِ فِي دِينِهِ دُونَ مَالِهِ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا مَحَالَةَ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ فِيهِ أَيْضًا مُتَحَقِّقٌ بَلْ فِيهِ أَقْوَى، فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَالِيًا لِلتَّصَرُّفِ أَيْضًا غَيْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>