للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَأَعْلَمَهُ بِالدَّيْنِ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرُدُّوا الْبَيْعَ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ وَهُوَ حَقُّ الِاسْتِسْعَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ مِنْ رَقَبَتِهِ، وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَائِدَةٌ، فَالْأَوَّلُ تَامٌّ مُؤَخَّرٌ وَالثَّانِي نَاقِصٌ مُعَجَّلٌ، وَبِالْبَيْعِ تَفُوتُ هَذِهِ الْخِيرَةُ فَلِهَذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ. قَالُوا: تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ الثَّمَنُ، فَإِنْ وَصَلَ وَلَا مُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ لِوُصُولِ حَقِّهِمْ إلَيْهِمْ.

قَالَ: وَلَكِنْ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ حَقَّهُمْ كَانَ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى قَدْ رَفَعَ عَنْهُمْ الْمُؤْنَةَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، كَالْوَصِيِّ إذَا بَاعَ التَّرِكَةَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ. وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ حَقَّهُمْ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْبَيْعِ بَلْ لَهُمْ الِاسْتِسْعَاءُ وَقَدْ فَاتَ بِالْبَيْعِ، وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ مُنْحَصِرٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ فَافْتَرَقَا اهـ كَلَامُهُ. أَقُولُ: لَا يَتَّجِهُ السُّؤَالُ الْمَذْكُورُ عَلَى مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ وَضْعَهَا فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا فَلَا يَثْبُتُ لِلْغُرَمَاءِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. بَلْ يَتَعَيَّنُ لَهُمْ إذْ ذَاكَ إجَازَةُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي التَّضْمِينِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الثِّقَاتِ مِنْهُمْ تَاجُ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ قَالَ: وَهَذَا الْخِيَارُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ.

أَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا فَلَا خِيَارَ لَهُمْ اهـ. وَمِنْهُمْ صَاحِبُ الْغَايَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: هَذَا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، فَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَقَبَضَ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّضْمِينِ وَلَكِنْ يَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَيْهِمْ اهـ.

فَإِذَا كَانَتْ مَسْأَلَتُنَا هَذِهِ فِيمَا إذَا كَانَ ثَمَنُ الْعَبْدِ الَّذِي بَاعَهُ الْمَوْلَى بِهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَتَّجِهْ أَنْ يُقَالَ إنَّ حَقَّهُمْ كَانَ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى قَدْ رَفَعَ عَنْهُمْ الْمُؤْنَةَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ كَانَ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ وَالْمَوْلَى قَدْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا فَقَدْ قَصَّرَ وَتَعَدَّى فَوَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ قَطْعًا.

ثُمَّ أَقُولُ: فِي الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَوْلَى تَفْوِيتُهُ حَقَّ الِاسْتِسْعَاءِ الْغُرَمَاءَ بِبَيْعِهِ الْعَبْدَ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمَوْلَى ضَمَانُ الدُّيُونِ بِالتَّمَامِ دُونَ ضَمَانِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَسْعُوا الْعَبْدَ فِي جَمِيعِ دُيُونِهِ لَهُمْ لَا فِي مِقْدَارِ قِيمَتِهِ فَقَطْ، وَقَدْ فَاتَ بِالْبَيْعِ وَالتَّغْيِيبِ حَقُّ الِاسْتِسْعَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا فَوَّتَاهُ وَهُوَ جَمِيعُ مَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ بِالِاسْتِسْعَاءِ مِنْ الدُّيُونِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي قَالُوا بِهِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِمَا ضَمَانُ مِقْدَارِ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَا غَيْرَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلَهُ قَالُوا تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ الثَّمَنُ، فَإِنْ وَصَلَ وَلَا مُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ لِوُصُولِ حَقِّهِمْ إلَيْهِمْ) قَالَ صَاحِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>