قَالَ (وَاَلَّذِي لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ، وَقِيلَ فِي الْعُرُوضِ " ده نيم " وَفِي الْحَيَوَانَاتِ " ده يازده " وَفِي الْعَقَارَاتِ " ده دوازده ")
وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِمَا، فَإِذَا زَادَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ عَلَى ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ كَالْفَلْسِ مَثَلًا (قَالَ) فِي بُيُوعِ التَّتِمَّةِ وَبِهِ يُفْتِي (وَاَلَّذِي لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ. وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مُقَابِلَهُ مِمَّا يَتَغَابَنُ فِيهِ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: تَكَلَّمُوا فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَالصَّحِيحُ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ كُلَّ غَبْنٍ يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَهُوَ يَسِيرٌ، وَمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَهُوَ فَاحِشٌ. قَالَ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْجَامِعِ فِي تَعْلِيلِ مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَقِيلَ فِي الْعُرُوضِ " ده نيم " وَفِي الْحَيَوَانَاتِ " ده يازده " وَفِي الْعَقَارَاتِ " ده دوازده ") اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ سَوْقِ الْكَلَامِ هَاهُنَا يُشْعِرُ بِأَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِذِكْرِ هَذَا الْقَوْلِ تَفْسِيرَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ صَرِيحَ مَا ذَكَرَهُ سَابِقًا كَانَ تَفْسِيرًا لِلْغَبْنِ الْفَاحِشِ، فَإِذَا قَالَ بَعْدَهُ: وَقِيلَ فِي الْعُرُوضِ إلَخْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَيْضًا تَفْسِيرًا لِلْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَأَمَّا الَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّطْبِيقُ لِمَا عَيَّنَ فِي سَائِرِ الْمُعْتَبَرَاتِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ تَفْسِيرًا لِلْغَبْنِ الْيَسِيرِ، وَعَنْ هَذَا كَانَ الشُّرَّاحُ هَاهُنَا فِرْقَتَيْنِ: فَمِنْهُمْ مَنْ تَرَدَّدَ فِي تَعْيِينِ مُرَادِهِ وَجَعَلَ كَلَامَهُ مُحْتَمِلًا لِلْمَعْنَيَيْنِ وَلَكِنْ ذَكَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقِيلَ لَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَزَمَ بِالثَّانِي فَقَالَ هَذَا بَيَانُ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ الِاحْتِمَالَ الْآخَرَ.
وَقَالَ الشَّارِحُ الْكَاكِيُّ مِنْ هَذِهِ الْفِرْقَةِ: وَكَانَ قَوْلُهُ وَقِيلَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِهِمْ كَانَ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِهِمْ غَبْنًا يَسِيرًا. وَالْحَقُّ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْغَبْنِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ فِي كُتُبِهِمْ الْمُعْتَبَرَةِ، مِنْهُمْ الْإِمَامُ الْبَارِعُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَرُوِيَ عَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ قَالَ: قَدْرُ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي الْعُرُوضِ " ده نيم " وَفِي الْحَيَوَانِ " ده يازده " وَفِي الْعَقَارِ " ده دوازده " انْتَهَى. وَمِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ قَلِيلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute