وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ ثَابِتَةً عَلَى الْوَلَدِ لَا يُزِيلُهَا، إذْ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْمَنْعِ، حَتَّى لَوْ مَنَعَ الْوَلَدَ بَعْدَ طَلَبِهِ يَضْمَنُهُ، وَكَذَا إذَا تَعَدَّى فِيهِ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَذَلِكَ بِأَنْ أَتْلَفَهُ أَوْ ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ، وَفِي الظَّبْيَةِ الْمُخْرَجَةِ لَا يَضْمَنُ وَلَدَهَا إذَا هَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِرْسَالِ لِعَدَمِ الْمَنْعِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ إذَا هَلَكَ بَعْدَهُ لِوُجُودِ الْمَنْعِ بَعْدَ طَلَبِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَهُوَ الشَّرْعُ، عَلَى هَذَا أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا.
وَلَوْ أَطْلَقَ الْجَوَابَ فَهُوَ ضَمَانُ جِنَايَةٍ،
الِاعْتِرَاضِ الْمَذْكُورِ عَلَى عِبَارَةِ الْكِتَابِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ ثَابِتَةً عَلَى الْوَلَدِ لَا يُزِيلُهَا إذْ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْمَنْعِ) أَقُولُ: هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا غَصَبَ الْجَارِيَةَ غَيْرَ حَامِلٍ فَحَبِلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ.
وَأَمَّا فِيمَا إذَا غَصَبَهَا حَامِلًا فَلَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ جُزْءًا مِنْ أُمِّهِ حِينَ الْغَصْبِ فَكَانَ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْ أُمِّهِ مُسْتَلْزِمًا لِإِزَالَتِهَا عَنْهُ أَيْضًا ضَرُورَةَ اسْتِلْزَامِ إزَالَةِ الْيَدِ عَنْ الْكُلِّ إزَالَتَهَا عَنْ أَجْزَائِهِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ إذْ ذَاكَ أَنْ يُقَالَ: وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ ثَابِتَةً عَلَى الْوَلَدِ لَا يُزِيلُهَا، وَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِأَنْ يُقَالَ: إذْ الظَّاهِرُ عَدَمُ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْكُلِّ بِإِزَالَةِ يَدِ الْمَالِكِ عَنْهُ مَنْعٌ لِجُزْئِهِ أَيْضًا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا غَصَبَهَا حَامِلًا وَبَيْنَ مَا إذَا غَصَبَهَا غَيْرَ حَامِلٍ فَحَبِلَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فِي كَوْنِ الْوَلَدِ غَيْرَ مَضْمُونٍ عِنْدَنَا، فَكَانَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ قَاصِرًا عَنْ إفَادَةِ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَعُورِضَ بِأَنَّ الْأُمَّ مَضْمُونَةٌ أَلْبَتَّةَ، وَالْأَوْصَافُ الْقَارَّةُ فِي الْأُمَّهَاتِ تَسْرِي إلَى الْأَوْلَادِ كَالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ وَالْمِلْكِ فِي الشِّرَاءِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الضَّمَانَ لَيْسَ بِصِفَةٍ قَارَّةٍ فِي الْأُمِّ بَلْ هُوَ لُزُومُ حَقٍّ فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ فَإِنْ وَصَفَ بِهِ الْمَالَ كَانَ مَجَازًا اهـ كَلَامُهُ.
وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى ذِكْرِ مَضْمُونِ هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ صَاحِبَا النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ. أَقُولُ: فِي الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مَصْدَرٌ لِلْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي، يُقَالُ: ضَمِنَهُ ضَمَانًا، وَلِمِثْلِ هَذَا الْمَصْدَرِ تَعَلُّقٌ بِالْفَاعِلِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَصِيرُ وَصْفًا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute