قَالَ (وَإِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْعَقَارَ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِمْ بِالْقِسْمَةِ) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ وَلِهَذَا يَجْرِي فِيهَا الْجَبْرُ؛ وَالشُّفْعَةُ مَا شُرِعَتْ إلَّا فِي الْمُبَادَلَةِ الْمُطْلَقَةِ قَالَ (وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَعَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ وَالشُّفْعَةُ فِي إنْشَاءِ الْعَقْدِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْقَبْضِ وَعَدَمِهِ (وَإِنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي حَقِّهِمَا لِوِلَايَتِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَقَدْ قَصَدَا الْفَسْخَ وَهُوَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقٍّ ثَالِثٍ لِوُجُودِ حَدِّ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي وَالشَّفِيعُ ثَالِثٌ، وَمُرَادُهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ قَبْلَهُ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ وَإِنْ
لِلْإِيرَادِ الْمَذْكُورِ أَصْلًا
(قَوْلُهُ وَإِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْعَقَارَ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِمْ بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ وَلِهَذَا يَجْرِي فِيهَا الْجَبْرُ؛ وَالشُّفْعَةُ مَا شُرِعَتْ إلَّا فِي الْمُبَادَلَةِ الْمُطْلَقَةِ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَلِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ لَوَجَبَتْ لِلْمُقَاسِمِ لِكَوْنِهِ جَارًا بَعْدَ الْإِفْرَازِ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ اهـ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ كَوْنَ الْمُقَاسِمِ جَارًا بَعْدَ الْإِفْرَازِ لَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ حَقِّ الشُّفْعَةِ لَهُ لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُقَدَّمًا عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ عَنْ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعَهُ وَقَدْ تَأَخَّرَ عَنْهُ هُنَا حَيْثُ حَصَلَ الْجِوَارُ بَعْدَ الْإِفْرَازِ الَّذِي يَزُولُ بِهِ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقْتَسِمِينَ عَنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ لِلْمُقَاسِمِ لِأَجَلِ مَانِعٍ يَمْنَعُ عَنْهُ وَهُوَ التَّعَذُّرُ الْمَذْكُورُ عَدَمُ وُجُوبِهَا لِلْجَارِ الْآخَرِ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ ذَلِكَ الْمَانِعُ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ؛ وَقَالَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ: وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَجَبَتْ لِلْمُقَاسِمِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَالشَّرِيكُ أَوْلَى مِنْ الْجَارِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ الْجَارُ عَلَى الشَّرِيكِ اهـ أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْمُقَاسِمَ إنَّمَا كَانَ شَرِيكًا قَبْلَ الِاقْتِسَامِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَدْ صَارَ جَارًا فَلَا يَلْزَمُ تَقَدُّمُ الْجَارِ عَلَى الشَّرِيكِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ تَقَدُّمَ الْجَارِ عَلَى الشَّرِيكِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ وَيَبْطُلُ لَوْ ثَبَتَ لِذَلِكَ الشَّرِيكِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقُّهَا لِمَانِعٍ كَمَا نَحْنُ فِيهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَقَدُّمُ الْجَارِ عَلَى الشَّرِيكِ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ فَضْلًا عَنْ بُطْلَانِ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى دَارًا فَسَلَّمَ الشَّرِيكَ الشُّفْعَةَ فِيهَا أَخَذَهَا الْجَارُ لِسُقُوطِ حَقِّ الشَّرِيكِ كَمَا مَرَّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ أَنْ يُقَدَّمَ الْجَارُ عَلَى الشَّرِيكِ فَمَا ظَنُّك فِيمَا نَحْنُ فِيهِ
(قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ) قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ: أَيْ مُرَادُ الْقُدُورِيِّ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ قَاضٍ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ حَيْثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute