قَالَ (وَإِذَا قِيلَ لَهُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ) لِتَفَاوُتِ الْجِوَارِ (وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ مَعَ غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ غَيْرِهِ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ (وَلَوْ بَلَغَهُ شِرَاءُ النِّصْفِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ شِرَاءُ الْجَمِيعِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَلَا شَرِكَةَ، وَفِي عَكْسِهِ لَا شُفْعَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْكُلِّ تَسْلِيمٌ فِي أَبْعَاضِهِ
هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَهُوَ عَلَى الشُّفْعَةِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَى هُنَا لَفْظُ النِّهَايَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ: تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ قِيمَتُهَا أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ غَيْرُ مُفِيدٍ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ تَسْلِيمُهُ بَاطِلًا أَيْضًا وَتَكَلَّفَ لِذَلِكَ كَثِيرًا وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْأَوْلَوِيَّةِ، فَإِنَّ التَّسْلِيمَ إذَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى فَلَأَنْ لَا يَصِحَّ إذَا ظَهَرَ أَقَلَّ أَوْلَى اهـ.
أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ لَا يَدْفَعُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مِنْ كَوْنِ التَّقْيِيدِ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ قِيمَتُهَا أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ غَيْرُ مُفِيدٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ جَوَابُ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ مُخْتَلَفٍ فِيمَا إذَا كَانَ قِيمَتُهَا أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ كَانَ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهَا أَلْفًا، أَوْ أَكْثَرَ غَيْرَ مُفِيدٍ قَطْعًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخِلًّا بِنَاءً عَلَى إيهَامِهِ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ تَقْيِيدَ الْحُكْمِ أَيْضًا فَلَا أَقَلَّ مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَدْرِكًا، وَإِنْ عَدَّ السُّلُوكَ مَسْلَكَ الدَّلَالَةِ بِالْأَوْلَوِيَّةِ مَعَ كَوْنِهَا أَمْرًا مُبْهَمًا فِي هَذَا الْمَقَامِ كَفَى أَنْ يُقَالَ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ فَإِنَّ التَّسْلِيمَ إذَا لَمْ يَصِحَّ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى فَلَأَنْ لَا يَصِحَّ فِيمَا إذَا ظَهَرَ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْلَى فَلَا مُخَلِّصَ مِنْ اسْتِدْرَاكِ أَحَدِ الْقَيْدَيْنِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا قِيلَ لَهُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ لِتَفَاوُتِ الْجِوَارِ) يَعْنِي لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْجِوَارِ، فَالرِّضَا بِجِوَارِ هَذَا لَا يَكُونُ رِضًا بِجِوَارِ ذَاكَ كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ مُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ سَلَّمْت شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ إنْ كُنْتَ اشْتَرَيْتَهَا لِنَفْسِك وَقَدْ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّفِيعَ عَلَّقَ التَّسْلِيمَ بِشَرْطٍ، وَصَحَّ هَذَا التَّعْلِيقُ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَصَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَا يُتْرَكُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ اهـ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ هَاهُنَا بَعْدَ نَقْلِ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ: وَهَذَا كَمَا تَرَى يُنَاقِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَتَعَلَّقُ إسْقَاطُهُ بِالْجَائِزِ مِنْ الشَّرْطِ فَبِالْفَاسِدِ أَوْلَى اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ هُنَا خُلَاصَةُ النَّظَرِ الَّذِي أَوْرَدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute