وَاحِدٌ، بِخِلَافِ الْمَغَانِمِ لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِينَ فِي الْمَالِيَّةِ حَتَّى كَانَ لِلْإِمَامِ بَيْعُهَا وَقِسْمَةُ ثَمَنِهَا وَهُنَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَالْمَالِيَّةِ جَمِيعًا فَافْتَرَقَا وَأَمَّا الْجَوَاهِرُ فَقَدْ قِيلَ إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ لَا يَقْسِمُ كَاللَّآلِئِ وَالْيَوَاقِيتِ وَقِيلَ لَا يَقْسِمُ الْكِبَارَ مِنْهَا لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ، وَيَقْسِمُ الصِّغَارَ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ.
وَقِيلَ يَجْرِي الْجَوَابُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْجَوَاهِرِ أَفْحَشُ مِنْ جَهَالَةِ الرَّقِيقِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ عَلَى لُؤْلُؤَةٍ أَوْ يَاقُوتَةٍ أَوْ خَالَعَ عَلَيْهَا لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَيَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى عَبْدٍ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُجْبَرَ عَلَى الْقِسْمَةِ.
قَالَ (وَلَا يُقْسَمُ حَمَّامٌ وَلَا بِئْرٌ، وَلَا رَحًى إلَّا بِتَرَاضِي الشُّرَكَاءِ، وَكَذَا الْحَائِطُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ) لِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى الضَّرَرِ فِي الطَّرَفَيْنِ، إذْ لَا يَبْقَى كُلُّ نَصِيبٍ مُنْتَفَعًا بِهِ انْتِفَاعًا مَقْصُودًا فَلَا يَقْسِمُ الْقَاضِي بِخِلَافِ التَّرَاضِي لِمَا بَيَّنَّا
قَوْلُهُ وَلَا يُقْسَمُ حَمَّامٌ وَلَا بِئْرٌ وَلَا رَحًى إلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الْجَبْرَ فِي الْقِسْمَةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ عَنْهُمَا بِأَنْ يَبْقَى نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ مُنْتَفَعًا بِهِ انْتِفَاعَ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَفِي قِسْمَةِ الْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ وَالرَّحَى ضَرَرٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يُقْسَمُ إلَّا بِالتَّرَاضِي انْتَهَى أَقُولُ: تَقْرِيرُ الْأَصْلِ بِهَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ وَالْآخَرُ يَسْتَضِرُّ بِنَصِيبِهِ لِقِلَّتِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْكَثِيرِ فَقَطْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ، وَبِطَلَبِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ فَقَطْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَلَى الْجَصَّاصُ، وَبِطَلَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ يُنْتَقَضُ ذَلِكَ التَّقْرِيرُ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي مُسْكَةٍ فَالصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الضَّرَرِ فِي الطَّرَفَيْنِ إلَخْ أَنْ يُقْتَصَرَ فِي بَيَانِ أَصْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى لُزُومِ الضَّرَرِ لِكُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute