وَصَيْفًا وَرَبِيعًا، وَالِانْتِهَاءُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ فَتَدْخُلُهُ الْجَهَالَةُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ غَرْسًا قَدْ عُلِّقَ وَلَمْ يَبْلُغْ الثَّمَرُ مُعَامَلَةً حَيْثُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِبَيَانِ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِقُوَّةِ الْأَرَاضِيِ وَضَعْفِهَا تَفَاوُتًا فَاحِشًا، وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ نَخِيلًا أَوْ أُصُولَ رُطَبَةٍ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا أَوْ أَطْلَقَ فِي الرُّطَبَةِ تَفْسُدُ الْمُعَامَلَةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ، لِأَنَّهَا تَنْمُو مَا تُرِكَتْ فِي الْأَرْضِ فَجُهِلَتْ الْمُدَّةُ (وَيُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ مُشَاعًا) لِمَا بَيَّنَّا فِي الْمُزَارَعَةِ إذْ شَرْطُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ (فَإِنْ سَمَّيَا فِي الْمُعَامَلَةِ وَقْتًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ الثَّمَرُ فِيهَا فَسَدَتْ الْمُعَامَلَةُ) لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ (وَلَوْ سَمَّيَا مُدَّةً قَدْ يَبْلُغُ الثَّمَرُ فِيهَا وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهَا جَازَتْ) لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ، ثُمَّ لَوْ خَرَجَ فِي الْوَقْتِ الْمُسَمَّى فَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ الْخَطَأَ فِي الْمُدَّةِ الْمُسَمَّاةِ فَصَارَ كَمَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ أَصْلًا لِأَنَّ الذَّهَابَ بِآفَةٍ فَلَا يَتَبَيَّنُ فَسَادَ الْمُدَّةِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ صَحِيحًا، وَلَا شَيْءَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.
قَالَ (وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالرِّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ، لِأَنَّ جَوَازَهَا بِالْأَثَرِ وَقَدْ خَصَّهُمَا وَهُوَ حَدِيثُ خَيْبَرَ. وَلَنَا أَنَّ الْجَوَازَ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ عَمَّتْ، وَأَثَرُ خَيْبَرَ لَا يَخُصُّهُمَا لِأَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي الْأَشْجَارِ
الْإِمَامُ قَاضِي خَانٍ فِي فَتَاوَاهُ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا أَيْضًا. وَشَرَائِطُ الْمُزَارَعَةِ ثَمَانِيَةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْكِتَابِ فِي أَوَائِلِ الْمُزَارَعَةِ، فَكَيْفَ يَتِمُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ شَرَائِطَ الْمُسَاقَاةِ هِيَ الشَّرَائِطُ الَّتِي ذُكِرَتْ لِلْمُزَارَعَةِ، وَقَدْ سَبَقَ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ إلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ، وَلَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا يُصْلِحُهُ فِي الْجُمْلَةِ حَيْثُ قَالَ: أَيْ وَشَرَائِطُهَا هِيَ الشَّرَائِطُ الَّتِي ذُكِرَتْ لِلْمُزَارَعَةِ مِمَّا يَصْلُحُ شَرْطًا لِلْمُسَاقَاةِ انْتَهَى.
ثُمَّ أَقُولُ: لَعَلَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَالْكَلَامُ فِيهَا كَالْكَلَامِ فِي الْمُزَارَعَةِ أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى جَوَازِهَا أَوْ عَدَمِ جَوَازِهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَيُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ، وَلَا تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ إلَّا تَبَعًا إلَخْ، فَإِنَّهُ بَيَانُ قَوْلٍ ثَالِثٍ فَارِقٍ بَيْنَ كَوْنِ الْمُزَارَعَةِ أَصْلًا وَكَوْنِهَا تَبَعًا، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَالْكَلَامُ فِيهَا كَالْكَلَامِ فِي الْمُزَارَعَةِ بَيَانَ شُرُوطِ الْمُسَاقَاةِ كَانَ ذِكْرُهُ بَيْنَ بَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ أَجْنَبِيًّا كَمَا لَا يَذْهَبُ عَلَى ذِي فَطَانَةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَنْمُو مَا تُرِكَتْ فِي الْأَرْضِ فَجُهِلَتْ الْمُدَّةُ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَنْمُو مَا تُرِكَتْ فِي الْأَرْضُ دَلِيلُ الرَّطْبَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلَ النَّخِيلِ وَالرَّطْبَةِ إذَا شَرَطَ الْقِيَامَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَذْهَبَ أُصُولُهُمَا لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِذَلِكَ فَكَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ. وَفِي نُسْخَةٍ فَكَانَ مَعْلُومًا انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ كَوْنَ قَوْلِهِ لِأَنَّهَا تَنْمُو مَا تُرِكَتْ فِي الْأَرْضِ دَلِيلُ الرَّطْبَةِ وَحْدَهَا مَمْنُوعٌ، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute