للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا أن يمتنعَا، فإذا قالوا: لا موجودٌ ولا معدومٌ. نقولُ: شَبَّهْتُمُوه الآنَ بالمستحيلاتِ والممتنِعاتِ.

فأهلُ الباطلِ لا مَفَرَّ لهم من لوازِمِهِم الباطلةِ.

تَكَايَسَ قومٌ وقالوا: نحن لا نقولُ: إنه لا يتصفُ بصفةٍ، لكننا نَصِفُهُ بما نَحْكُمُ به عليه، ولا يَحْكُمُ به على نفْسِهِ. انتبهْ قالوا: لا نُنْكِرُ الصفاتِ لكن نَصِفُهُ بما نَحْكُمُ به عليه لا بما يَحْكُمُ به على نفْسِه، وهؤلاء المتكايسون هم الأشعريَّةُ أثبتوا بعضَ الصفاتِ، وأنكروا أكثرَ الصفاتِ، أثبتوا من الصفاتِ سبعًا وأنكروا الباقيَ، أثبتوا الحياةَ، والعِلْم، والقُدْرَةَ، والسَّمْعَ، والبصرَ، والإرادةَ، والكلامَ، وأنكروا الباقيَ قالوا: لا نُثْبِتُ من الصفاتِ على وجهِ الحقيقةِ إلا هذه الصفاتِ السبعَ: الحياةَ، والعِلْمَ، والإرادةَ، والقدرةَ، والسمعَ، والبصرَ، والكلامَ. هذه ثابتةٌ حقيقةً على اختلافٍ بَيْنَهُم وَبَيْنَ أهلِ السُّنَّةِ في بعضِها، الكلامُ عندهم غيرُ الكلامِ عندَ أهْلِ السُّنَّةِ، والباقي لا نُثْبِتُهُ. فماذا تَعْمَلُون فيه؟ قالوا: لنا فيه طريقان: إما التفويضُ بأن نقولَ: لا ندري ما معناه، وإما التأويلُ الذي يُسَمُّونه تأويلًا وهو في الحقيقةِ تحريفٌ.

والأشاعرةُ هم أكثرُ الناسِ انتشارًا في البلادِ الإسلاميَّةِ؛ ولهذا يجبُ أن نَعْرِفَ مَذْهَبَهُم تمامًا ونَعْرِفُ الرَّدَّ عليهم حتى يتقلَّصَ هذا المَدُّ، أو يزولَ بالكُلِّيَّةِ - ونسألُ اللهَ تعالى أن يُزِيلَهُ إلى الحقِّ - يقولون: نُثْبِتُ هذه الصفاتِ السَّبْعَ وغيْرُها لا؛ ولذلك يقولون في استعمالهِم للنصوصِ ما سوى هذا إما أن نُفَوِّضَه ونقولَ: لا ندري معناه، وإما أن نُؤَوِّلَهُ، ونحن نُسَمِّي تأويلَهُم تحريفًا؛ لأنَّ التأويل الذي لا دليلَ عليه تحريفٌ، وفي ذلك يقول ناظمُ عقيدتِهِم:

وكلُّ نصٍّ أَوْهَمَ التشبيهَا ... أَوِّلْهُ أو فَوِّضْ تَرُمْ تنزيهًا

<<  <   >  >>