للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة: خطباءُ الأشاعرةِ يُحَدِّثُون بمذهبِهم، وَيذْكُرُون أنَّ عُلماءَهم ابْنَ حجرٍ والنَّوَوِيَّ والعزَّ بْنَ عبدِ السلامِ! .

فالجوابُ: إذا قالوا: ابْنُ حجرٍ والنووِيُّ، أما ابْنُ حجرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فأنا رأيي فيه أنه ليس على طريقةِ الأشعريَّةِ، فالرجلُ متذبذبٌ أحيانًا يتكلَّمُ بكلامٍ هو كلامُ أهلِ السُّنَّةِ مئةً بالمئةِ، وأحيانًا يَنْقُلُ كلامَ الأشاعرةِ وهو أحيانًا يَنْقُلُ عن شيخِ الإسلامِ مقرِّرًا قولَهُ.

وأما النووِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فصحيحٌ على مذهبِ الأشاعرةِ في جميعِ ما قرأْتُ له من كتبٍ، لكن إذا قابلونا بفلانٍ وفلانٍ نقولُ: هل أنتم تعرفون الحقَّ بالرجالِ أم الرجالَ بالحقِّ؟

إن قالوا: نعرفُ الحقَّ بالرجالِ كان عندنا شيخُ الإسلامِ ابن تيميَّةَ، وابنْ القَيِّمِ، والإمامُ أحمدُ، وغيرُهُم من العلماءِ الفحولِ، فهؤلاء مقابلَ هؤلاء، ثم لدينا شيءٌ فوق الجميعِ الصحابةُ - رضي الله عنهم - ائتونا بدليلٍ واحدٍ يؤيِّدُ مذهبَ الأشاعرةِ، يقولُ: استوى بمعنى استولى، لا أحدَ منهم قال: استوى بمعنى استولى، كُلُّهُم يقول: استوى بمعنى علا. عَلِمْنا هذا بأنهم يقرؤون القرآنَ، ويعرفون معناه ولم يأتِ عن أحدٍ منهم قولٌ بصرْفِ اللفظِ عن ظاهِرِه، الحمدُ للهِ الحقُّ واضحٌ، فلو قال لنا قائلٌ: إن الصحابةَ أجمعوا على أن معنى قولِهِ تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} علا عَلَيْهِ، فلا يُمْكِنُ لأحدٍ أن ينازعَ ويقولَ: لم يُجْمِعوا؛ لأننا نَعْلَمُ أن الصحابةَ يقرؤون القرآنَ ويُنْزِلُون معناه على اللغةِ العربيَّةِ، واللغةُ العربيةُ في جميعِ موارِدِها أنه إذا تَعَدَّتْ (استوى) بـ (علا) فالمرادُ العُلُوُّ.

أمَّا مَن قالَ عَن كُتب النَّووي رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجب أن تُحرقَ، فهذا غلَط منه؛ فكيف

<<  <   >  >>