للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَخُذْها بقلبِكَ، كلما وجدْتَ شيئًا من أفعالِ اللهِ، أو أحكامِ اللهِ الشرعيَّةِ مُعلقًا بالمشيئةِ فاعلمْ أنه مقرونٌ بالحكمةِ؛ خلافًا لمن قال من الجهميَّةِ وغيرِهِم: إنَّ أفعالَ اللهِ تعالى لمجرَّدِ المشيئةِ، وليست مقرونةً بحكمةٍ.

قولُهُ: {وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} القويُّ ضدُّ الضعيفِ؛ يعني ذا القوَّةِ الكاملةِ، التي لا يَلْحَقُهَا ضعفٌ، ولنسألْ أَنْفُسَنا: هل لدينا قوةٌ كاملةٌ؟ الجوابُ: لا، ثم لا، ثم لا، وهل قُوَّتُنا النَّاقصةُ تستمرُّ؟ لا، وهل قُوَّتُنا الناقصةُ ثابتةٌ لنا من حين وُلِدْنا؟ لا، واستمعْ إلى قولِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} هذا واحدٌ، مرةً ثانيةً {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} هكذا حالُ الإنسانِ، ولا مفرَّ منها، الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ هو القويُّ ذو القوَّةِ التامَّةِ التي لم تَزَلْ ولا تزالُ.

واستمعْ إلى قولِ عادٍ حين فخروا بقُوَّتهم؛ وقالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} فقال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} اللهُ أكبرُ، لو قالت أمريكا الآن: من أشدُّ مِنَّا قوةً، ماذا نقولُ؟ اللهُ الذى خَلَقَكَم، أنتم الآن مخلوقون ضعفاءُ، ولو شاء اللهُ لَسَلَبَكم القوةَ والقدرةَ والعقولَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى الذي خَلَقَكُم هو أشدُّ منكم قُوَّةً، وكذلك غيرُها من الدولِ الذين يعتزُّون بقُوَّتِهِم المادِّيَّةِ، نقول: إن فوقكم رَبَّ العبادِ عَزَّ وَجَلَّ الذي خَلَقَكُم ولم تكونوا شيئًا فهو أشدُّ منكم قُوَّةً.

وقد يكونُ تفتيتُ القوةِ من نفسِ القوةِ؛ فالإتحادَ السوفيتيَّ كان يُهَدِّدُ العالمَ من قَبْلُ والآن الإتحادُ السوفيتيُّ فَتَّتَه اللهُ من داخِلِهِ.

فالمهمُّ أن اللهَ هو القويُّ الكاملُ القُوَّةِ، ولا يُمْكِنُ أن يَلْحَقه ضَعْفٌ.

هنا فائدةٌ: هناك قدرةٌ وقوةٌ، وهناك ضعفٌ وعجزٌ، الذي يُقابِلُ القوَّةَ الضَّعْفُ، والدليلُ: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا} [الروم: ٥٤] والذي يقابِلُ القدرةَ العجْزُ،

<<  <   >  >>