للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلوِّ الذاتيِّ للهِ، مثلَ قولِهِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}.

وأدلةٌ لا تُحْصَى، من السُّنَّةِ؛ أدلةٌ قوليَّةٌ، وفعليَّةٌ، وإقرارَّيةٌ. يعني: كلُّ أنواعِ السُّنَّةِ دلَّتْ على علوِّ اللهِ الذاتِيِّ.

أما السُّنَّةُ القوليَّةُ فها هو النبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - يقولُ في سجودِهِ: "سبحانَ ربِّيَ الأعلى" (١) فيثبتُ عُلُوَّهُ.

وأمَّا الإقراريَّةُ: فإنه - صلى الله عليه وسلم - سألَ الجاريَةَ: "أين اللهُ؟ " قالت: في السماءِ (٢)، فَأَقَرَّهَا.

وأمَّا الفعليَّةُ: فكان - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ الناسَ يومَ عَرَفَةَ ويقولُ: "أَلا هل بَلَّغْتُ؟ " فيقولون: نعم، فيرفعُ إصبَعُه إلى السماءِ ويقولُ: "اللهُمَّ اشْهَدْ" (٣) يعني: على هؤلاء الناسِ، يشيرُ إلى السماءِ. وهذه دلالةٌ فعليَّةٌ بالإشارةٍ.

وأمَّا الإجماعُ: فالسَّلَفُ الذي على رأسِهِم الصحابةُ مُجْمِعُون على أن اللهَ تعالى فوقَ كلِّ شيءٍ، مُجْمِعون على هذا إجماعًا قطعيًّا؛ لأنَّهم كُلَّهُم يقولون في سجودِهِم: سبحانَ رَبِّيَ الأعلى، ولم يُنْقَلْ عن واحدٍ منهم أنه قال: إنَّ اللهَ ليس في السماءِ أبدًا.

وعدمُ نقلِ المخالفةِ لِمَا في الكتابِ والسُّنَّةِ يَدُلُّ على الإجماعِ، وهذا طريقٌ واضحٌ بأنه إذا لم يَرِدْ عن السلفِ ما يخالفُ دلالةَ القرآنِ، فهم مُجْمِعُون على ما دلَّ عليه القرآنُ.


(١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم (٧٧٢)، من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة، رقم (٥٣٧)، من حديث معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه مسلم: كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (١٢١٨)، من حديث جابر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>