للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى رمضانَ، مُكَفِّراتٌ لمَا بَيْنَهُنَّ مُجَنِّباتٌ للكبائِرِ" (١).

فائدةٌ: أوَدُّ أن أُنَبِّهَكم! فأنتم طَلَبَة عِلْمٍ جئتُم من بلادِكم إلى هنا لطَلَبِ العِلْمِ، وأنتم في بلادِكم تَطْلُبُون العِلْمَ؟ لكن ما فائدةُ العِلْمِ؟ هل فائدةُ العِلْمِ أن يَكُونَ الإنسانُ نُسْخةً من كِتابٍ يَجْمَعُ في دماغِهِ ما يَجْمَعُ، أم فائدةُ العِلْمِ العَمَلُ؟ الجوابُ: الثَّاني، ولا خَيْرَ في عِلْمٍ لا عَمَلَ فيه، والعِلْمُ بدونِ عمَلٍ به حُجَّةٌ على الإنسانِ؛ لقولِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ: "الُقْرآنُ حُجَّةٌ لك أو عَلَيْكَ" (٢) لا يُوجَدُ قسْمٌ ثالثٌ، وإذا عَمِلَ الإنسانُ بعِلْمٍ وَرَّثَهُ اللهُ تعالى عِلْمَ ما لم يَكُنْ يَعْلَمُهُ من قَبْلُ، كما قال اللهُ تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا} [محمَّدٍ: ١٧] {زَادَهُمْ هُدًى}؛ أيْ عِلْمًا {وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمَّدٍ: ١٧] أيْ: صاروا مُتَّقِين للهِ عَزَّ وَجَلَّ فالعملُ بالعِلْمِ مُهِمٌّ، والمقصودُ من العِلْمِ أن يتربَّى الإنسانُ به حتَّى يَكُونَ عالِمًا ربانيًّا.

أنا أَنْقِمُ من بَعْضِ الطَّلبة شيئًا مهمًّا وسهلًا وهو إفشاءُ السَّلامِ. نشاهدُ الآن الواحدَ يمرُّ بزميلِه وهو واقفٌ ولا يقولُ: السَّلامُ عليكم، لماذا؟ أرغبةً عن السُّنَّةِ، أم زُهْدًا في الأجْرِ، أنا لا أدري، أم إيجادَ سببٍ للكراهةِ والعداوةِ؟ لأنَّ الإنسانَ إذا مرَّ بك ولم يُسَلِّمْ لا بُدَّ أن يَكُونَ في قلْبِك شيءٌ إلَّا من تَحَجَّرَ قَلْبُه واعتاد عَدَمَ السَّلامِ، فهذا ميِّتٌ، ثمَّ إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَقْسَمَ قال: "واللهِ لا تَدْخُلُوا الجنَّةَ حتى تُؤْمِنوا ولا تُؤْمِنوا حتى تَحَابُّوا - داخل في القَسَمِ - أفلا أَدُلُّكُم أو قال: أخُبْرِكم - بشيءٍ إذا


(١) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، رقم (٢٣٣)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، رقم (٢٢٣)، من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>