للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هؤلاء لهم فَضْلٌ وكُفْرُهم بينهم وبين اللهِ، ونحن لا نُحِبُّهم على كُفْرِهم أبدًا، بل نَشْكُرُ لهم الفضلَ وإن كنَّا نَكْرَهُهم غايةَ الكراهةِ؛ لأنَّهم أعداءُ اللهِ ورسولِهِ.

وهذا إذا عَلِمْنَا أنَّ النِّيَّةَ صادقةٌ، أمَّا إذا عَلِمْنَا أنَّه مَكْرٌ وخديعةٌ عِلْمًا يقينيًّا فهنا نَذُمُّهُم على ما فَعَلوا ولا نَمْدَحُهم، ولا نعترفُ لهم بفضلٍ؛ لأنَّ الحُكْمَ يدورُ مع عِلَّتِه وُجُودًا وعَدَمًا.

مسألة: ما الجمْعُ بين حديثِ: "لولا أنا" وبين النَّهْيِ عن "لو"؟

الجوابُ: نسبةُ الشَّيءِ إلى سَبَبِهِ إذا كان سببًا صحيحًا لا بَأْسَ بها، فمثلًا لو أنَّ رجلًا سقط في البحْرِ، فقام آخَرُ فَأَنْقَذَهُ يجوزُ أن يقولَ: لولا فلانٌ لَغَرِقْتُ؛ لأنَّه نَسَبَهُ إلى سببٍ معلومٍ، لكن لو قال: لولا فلانٌ وهو مدفونٌ في قَبْرِه فهذا ليس سببًا معلومًا، إنسانٌ غَرِقَ في الماءِ وقال: واللهِ لولا الوليُّ فلانٌ سَيِّدي لَغَرِقْتُ، هذا لا يَصْلُحُ، هذا شِرْكٌ.

المهمُّ خُذْ قاعدةً: نسبةُ الشَّيءِ إلى سَبَبِهِ المعلومِ يجوزُ، لكن لا يُقْرَنُ مع اللهِ بالواوِ، فإن قُرِنَ مع اللهِ بالواوِ صار حرامًا، مثلَ أن يقولَ: لولا اللهُ وفلانٌ لَغَرِقْتُ، هذا لا يجوزُ، فنذكرك السُّؤالَ إذا قال: لولا اللهُ قَيَّدَ لي فلانًا لغَرِقْتُ. هذا يصحُّ، وهو أعلى الأنواعِ؛ لأنَّه ذَكَرَ المسبِّبَ والسَّبَبَ، إذا قال: لولا فلانٌ لغَرِقْتُ، هذا جائزٌ؛ لأنَّه أضافه إلى سببٍ معلومٍ وصحيحٍ، إذا قال: لولا اللهُ وفلانٌ لَغَرِقْتُ، هذا لا يجوزُ؛ لأنَّه شرَّكَ بين اللهِ وغيْرِه بحرفٍ يقتضي التَّسويةَ، إذا قال: لولا اللهُ ثم فلانٌ لغَرِقْتُ، يجوزُ.

وإذا قال: لولا اللهُ ففلانٌ لغَرِقْتُ. الفاءُ ليست مثلَ الواوِ، الفاءُ تقتضي التَّرتيبَ، لكنَّها في الواقعِ في منزلةٍ بين منزلتين ليست كـ (ثمَّ)؛ لأنَّ (ثمَّ) تدلُّ على

<<  <   >  >>