للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومِثْلُ ذلك ما يقالُ في الإنتخاباتِ إذا كان البلدُ مَبْنِيًّا على الإنتخاباتِ يقولُ بعضُ النَّاسِ: لا تَنْتَخِبْ! فأقول: يا جماعة لا أُرْشِحُ واحدًا من أهْلِ الخيرِ؟ ! قال: لا لأنَّ الإنتخاباتِ فيها بلاءٌ، فيها رشاوٍ فيها أهواءٌ! ونقول: إذا كان فيها رشاوٍ وأهواءٌ أنا لن أدخل في الرَّشاوي والأهواءِ لكن أَدْخُلُ في ترشيحِ رجلٍ أعرفُ أنَّ فيه خيرًا. قالوا: إذا رَشَّحْتَ واحدًا يأتي مئةُ فاسقٍ، إذا كان مئةُ فاسقٍ ليس معهم مستقيمٌ أو مئةُ فاسقٍ ومعهم مستقيمٌ؟ فالجوابُ: الثَّاني أَحْسَنُ.

وإذا قالوا: إنَّ هذا لا يُجْدي ولا يَنْفَعُ واحدٌ في المئةِ لا فائدةَ فيه، نقولُ: لا بدَّ أن يَكُونَ فيها فائدةٌ، إذا أَخْلَصَ النِّيَّةَ للهِ لا بدَّ أن يؤثِّرَ؛ لأنَّ الكلمةَ للهِ ليستْ تُؤَثِّرُ؛ لأنَّ فلانًا تَكَلَّمَ بها لكن تُؤَثِّرُ؛ لأنَّها كلمةُ اللهِ.

واسْتمعْ إلى قولِ اللهِ تعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى} [التَّوبةُ: ٤٠]، وبَعْدَها {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التَّوبة: ٤٠]، بالرَّفعِ؛ لأنَّه لو قال: وكلمةَ اللهِ، دَخَلَت في المفعولِ به يعني: وجَعَلَ كلمةَ اللهِ، وكلمةُ اللهِ هي العليا بجعْلِه وبغيْرِ جعْلِه، ولهذا تَبَيَّنَ الآن أن قولَهُ: {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} موقعٌ عظيمٌ جدًّا؛ يعني: أن كلمةَ اللهِ هي العليا مَهْمَا جاءت هي العليا.

ولا يَخْفى ما يتكرَّرُ في قصةِ موسى عَلَيْهِ السَّلَام مع السَّحَرةِ وفرعونَ لمَّا اجتمعوا وكان موسى واثقًا بنصْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ ولهذا لما قالوا: اجعلْ لنا مَوْعدًا جَعَلَ لهم موعدًا في وَضَحِ النَّهارِ، وفي يومِ الزِّينَةِ يوْمِ العيدِ {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه: ٥٩] شيءٌ عجيبٌ، جاء السَّحَرةُ وجمع فرعونُ كَيْدَه {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} [طه: ٦٤]، فقال موسى كَلِمَةً واحدةً قال: {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: ٦١] ما

<<  <   >  >>