للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذي حصل من هذه الكلمةِ؟ {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [طه: ٦٢] في الحالِ الفاءُ تدلُّ على التَّرتيبِ والتَّعقيبِ والسّببيَّةِ {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} وإذا تَنَازَعَ النّاسُ فَلْتَتَحَدَّثْ عن الفشلِ! حَدِّثْ ما شئْتَ ولا حَرَجَ! {فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} ففشِلوا، وفي النَّهايةِ أنَّ هؤلاء السَّحرةَ الَّذين جاؤوا يَكِيدون لموسى صاروا مع موسى وهُدِّدُوا بالقتْلِ والصَّلْبِ ولكن أَبَوْا، قالوا لفرعونَ: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} مِثْلَ ما نقولُ نحن: افعلْ ما تريدُ {إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه: ٧٢]، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، الإيمانُ إذا دَخَلَ القلبَ فلا تسألْ عن الحزْمِ والعزْمِ والقوَّةِ {إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} والَّذي لا يموتُ اليومَ يموتُ غدًا.

فالمهمُّ أنِّي أقولُ: إنَّ بعض النَّاسِ إذا رأى الموقفَ غَلَبَ فيه الشَّرُّ اسْتَحْسَرَ وتخلَّى، وهذا غلطٌ، خُضْ غِمارَ القومِ والنَّصرِ للحقِّ، أنا لم أَدْخُلْ مع هؤلاء لأوافِقَهم على باطِلِهِم، سأدافعُ عن الحقِّ الَّذي أعتقِدُه مهْما أَمْكَنَ، ثم إنَّه من الحكمةِ أن يُفَتَّتَ القومُ المجتمِعون. يعني يُؤْخَذُوا واحدًا واحدًا ويُتَكَلَّمَ مع كلِّ واحدٍ ويقالَ: يا فلانُ ما فائدتُك من هذا؟ هذا إثمٌ عليك، هذا سُوءٌ في الدُّنيا والآخرةِ، كما فعلت قريشٌ في نقْضِ الصَّحيفةِ الَّذين تعاهدوا فيها على مقاطعةِ بني هاشمٍ، والقصَّةُ مشهورةٌ، صار أحدُ المعارِضِين لهذه الصَّحيفةِ يأتي كُبراءَهم - كبراءَ الَّذين وَقَّعُوا - ويقولُ لهم واحدًا واحدًا: كذا وكذا وكذا حتَّى تَفَتَّتُوا، وهذه من السِّياسةِ؛ لأنَّك إذا فَتَّتَّ المجتمِعِين زالت قُوَّتُهم وزال سلطانُهم وحَصَلْتَ على الخيرِ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ النَّاسَ ينقسمون إلى قِسْمَيْن:

قسْمٍ: إذا أصابته رحمةٌ من اللهِ فَرِحَ بها فرحَ أَشَرٍ وَبَطَرٍ.

<<  <   >  >>