للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُحَوِّلُ نَفْسَهُ إلى صورةِ آدمِيٍّ، أو أن اللهَ يَقْلِبُهُ إلى صورةِ آدمِيٍّ؟ ليس لنا مصلحةٌ، لكن نَعْلَمُ أنه لم يَقَعْ ذلك إلا بإرادةِ اللهِ، سواءٌ كان بفعلٍ اختياريٍّ من جبريلَ، أو بفعلٍ خِلْقِيٍّ من اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

نحن ليس لنا حقٌّ أن نسألَ عن ذلك، كلُّ أمورِ الغيبِ لا تَسْأَلْ عنها، أَجْرِهَا على ما جاءتْ؛ لأنَّه سَبَقَك من هو أَحْرَصُ منك على العِلْمِ وأقوى منك إيمانًا، وباشر من يستطيعُ الجوابَ والرَّدَّ، وهم الصحابةُ، ومع ذلك ما سألوا، إذا لم يَسَعْكَ ما وَسِعَ الصحابةَ فلا وسَّعَ اللهُ عليك.

ولهذا يجبُ أن نقولَ لبعضِ الشبابِ الآن الذين يبحثون في أسماءِ اللهِ وصفاتِهِ ويتعمقون يجبُ أن ننهاهم، ونقولَ: اتَّقُوا اللهَ، آمِنُوا بالقرآنِ والسُّنَّةِ على ما جاءَ بالكتابِ والسُّنَّةِ ولا تبحثوا، سَبَقَكم من هو خيرٌ منكم وأَحْرَصُ على العلمِ ولم يسألوا.

ثم هُمْ إذا سألوا يسألون الرسولَ الذي قد يَنْزِلُ عليه الوحيُ ويُخْبِرُهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بما سألوا عنه، أمَّا أن تسألَ إنسانًا يخطئُ ويصيبُ وأنت وهو سواءٌ في عِلْمِ الغيبِ، فهذا من الغلطِ والسفهِ، ومن مخالفةِ جَادَّةِ السلفِ، وما أحسنَ ما قاله مالكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ للذي سأله عن كيفيةِ الإستواءِ قال: "السؤالُ عنه بدعةٌ، وما أراك إلا مبتدعًا" (١).

فنصيحتي لكم إذا أردتُمُ السلامةَ أن تَدَعُوا السؤالَ عن الأمورِ الغيبيَّةِ، اتركوها، وإلا هذا يَرِدُ عن الإنسانِ. يعني أنه هل المَلَكُ يستطيعُ أن ينقلبَ إلى صورةِ آدمِيٍّ، أو أن هذا بأمرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ بمعنى أنه لا يستطيعُ لكن اللهَ يَقْلِبُهُ.


(١) أخرجه اللالكائي في اعتقاد أهل السنة رقم (٦٦٤)، والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (٨٦٧)، وأبو نعيم في الحلية (٦/ ٣٢٥)، والدارمي في الرد على الجهمية رقم (١٠٤).

<<  <   >  >>